(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)[يس: ٣٩] فصورة العرجون غير تامة الحضور في الذهن، ولكنها تندر عند استحضار صورة القمر، للفر الشاسع بين الصورتين، فالقمر مسكنة السماء، والعرجون في الأرض، والقمر مثال العلو والهداية، والعرجون شيء تافه لا يهتم به، والقمر من قبيل الكواكب، والعرجون من قبيل النبات.
ومن ذلك ما تقدم من تشبيه أزهار البنفسج على سيقانها بصورة النار في أطراف الكبريت أول اشتعالها.
ج- ندرة حضور فورة المشبه به في الذهن مطلقاً، وذلك لكونه وهمياً كما فئ قوله تعالى:(طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)[الصافات: ٦٥]، وكما في قول الشاعر:
* ومسنونة زرق كأنياب أغوال *
أو لكونه مركباً خيالياً، كما في تشبيه الشقيق بأعلام من الياقوت منشورة على رماح من الزبرجد، أو لكونه نادر التكرار على الحس، كصورة المرأة في كف الاشل.
[التفصيل في وجه الشبه]
معناه:(أن تكثر فيه الملاحظات والاعتبارات، بأن ينظر فيه إلى أكثر من وصف لشيء واحد، أو أكثر (متعدداً كان ذلك الوجه، أو مركباً اعتبارياً) وكلما كثر التفصيل في وجه الشبه كان التشبيه أدخل في باب الغرابة وأبعد عن الابتذال، وذلك كما في قوله تعالى:(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)[يونس: ٢٤].
أوجه التفصيل: وأوجه التفصيل كثيرة، ولكن أحراها بالقبول صورتان:
الأولى: أن يؤخذ بعض الأوصاف، ويترك بعضها من كل تشبيه فيه دقة تحتاج إلى مزيد نظر وفضل ملاحظة، وذلك كما في قول الشاعر: