ليس كل قتل أنفى للقتل، بل إنه لا يكون كذلك إلا إذا كان على وجه القصاص.
٥ - أنه خال من التكرار اللفظي، بخلاف النص العربي المأثور؛ ففيه التكرار.
٦ - أنه غني عن تقدير محذوف بينما النص العربي في احتياج إليه؛ فيقال:(القتل أنفى للقتل من تركه).
٧ - أنه مشتمل على حلية الطباق؛ أما النص العربي فإنه عاطل الجيد من هذه الحلية البلاغية.
٨ - أن إدخال حرف (في) على لفظ: (القصاص) جعل له اعتباراً لطيفًا؛ وهو أنه كالمنبع والمعدن للحياة.
ومنه قوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩]؛ فتلك آية من جوامع الكلم وروائع الحكم، تطوى تحتها كثيرًا من مكارم الأخلاق؛ وذلك لأن في العفو الصفح عمن أساء، والأخذ بمبدأ التسامح والإغضاء، وفي الأمر بالمعروف صلة الرحمن والحدب على ذوى القربى، وصون الجوارح عن المحارم، وفي الإعراض عن الجاهلين الصبر والأناة، وكظم الغيظ، وغير ذلك من أحاسن الشيم.
ومثل ما تقدم من الكلمات الجامعة ذات اللفظ القصير والمعنى الكثير: قوله صلى الله عليه وسلم: "الضعيف أمير الركب".
ومنه: ما كتب عمرو بن مسعدة عن المأمون إلى بعض العمال في شأن رجل- وقد أعمره أن يختصر كتابه ما استطاع-: "كتابي إليك كتاب واثق بمن كتب إليه، معنى كتب له؛ ولن يضيع بين الثقة والعناية حامله".
والقسم الثاني: إيجاز الحذف: وهو: "ما قصد فيه إلى إكثار المعنى مع حذف شيء من التركيب" والمحذوف أنواع شتى فمنه:
١ - ما يكوون حرفًا؛ كقوله تعالى:{وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}[مريم: ٢٠]؛ والأصل: ولم أكن؛ حذفت النون تخفيفًا.