وتقول في المجرور -إذا ولى الهمزة-: أفي المسجد صليت؟ ) وفي الظرف:(أتحت الشجرة جلست؟ ! )؛ وفي المفعول لأجله:(أخوفًا هربت؟ )، وفي الحال:(أراضيًا تصدقت؟ )، على أن جواب إيلاء المسئول عنه الهمزة إنما يجيء هكذا إذا لم تقم قرينة تدل عليه، فإذا قامت قرينة تدل عليه كذكر المعادل جاز تأخيره كقولك:(أقرأت كتابًا أم صحيفة؟ )؛ فقد أخر المسئول عنه وهو:(كتابًا)؛ لأن في ذكر المعادل وهو:(صحيفة) قرينةٌ على أن المسئول عنه هو المفعول لا الفعل.
(هل): هي لطلب التصديق فقط -كما عرفت- وتدخل على الجملتين الفعلية والاسمية فتقول:(هل سافر محمد؟ ) و (هل محمد سافر؟ ).
ولأنها طلبت التصديق فقط امتنع أن يقال:(هل فؤاد نجح أم هشام؟ ) وقبح أن يقال: (هل فؤاد قابلت؟ ) و (هل عليك سلم؟ ) و (هل راضيًا سعى إليك؟ ) و (هل أمامك جلس؟ ).
أما امتناع المثال الأول: فلأن وقوع المفرد بعد (أم) دليل على أنها متصلة؛ يطلب بها تعيين أحد الشيئين مع العلم بثبوت الحكم، والعلم بثبوته تصديق؛ فلا يصح اجتماعها و (هل)؛ لأن (هل) لطلب التصديق بالحكم؛ فالحكم فيها غير معلوم وإلا لم يستفهم عنه، فالجمع بينهما يؤدي إلى التناقض؛ لأن هل تفيد أن السائل جاهل بالحكم، و (أم) المتصلة تفيد أن السائل عالم به.
ولو كانت (أم) منقطعة لوجب وقوع الجملة بعدها؛ كما في قول الشاعر:
ألا ليت شعري هل تغيرت الرحا؟ ... رحا الحرب أو أضحت بفلجٍ كما هيا؟
وأما قبح الأمثلة الأربعة التالية: فلأن تقديم المعمول على العامل يقتضي -غالبًا- حصول العلم بأصل الحكم، و (هل) لطلب التصديق بأصل الحكم، وهذا يؤدي إلى طلب حصول الحاصل وهو عبث.
وإنما لم يمتنع مثل هذه الأمثلة لجواز أن يكون المعمول المقدم معمولاً لعامل محذوف مقدر قبله ويكون معمول العامل المذكور محذوفًا؛ على تقدير: هل قابلت فؤادًا قابلت؟ أو أن يكون التقديم للاهتمام لا للتخصيص.