للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه قول أمير الشعراء يصف عهد الصبا مع أصدقائه وخلانه:

الوصل صافية والعيش ناغية ... والسعد حاشية والدهر ماشينا

وإنما سمى هذا النوع مفروفاً لأنه لم يجمع فيه بين الشبهات على حدة، كما أنه لم يجمع فيه بين المشبهات بها كذلك، وإنما وضع فيه كل مشبه مع مشبهه.

الثالث: تشبيه التسوية: وهو ما يتعدد فيه المشبه دون المشبه به، كما ترى في قول الشاعر:

صدغ الحبيب وحالى ... كلاهما كالليالي

وثغره في صفاء ... ... وأدمعي كاللالى

فقد شبه الشاعر في البيت الأول صدغ حبيبه وحالة بالليالي في السواد، كما أنه قد شبه ثغر حبيبة وأدمعه باللآلئ في الصفاء، والمشبه فيهما متعدد، دون الشبه به - كما رأيت.

ومنه قول امرئ القيس:

كأن المدام وصوب الغمام ... وريح الخزامى ونشر القطر

يُعل به برد أنيابها ... ... إذا غرد الطائر المستحر

فقلا شبه الشعر المدام، وصوب الغمام، وريح الخزامي، ونشر القطر برضاب حبيبته تشبيهاً مقلوباً قصداً إلى المبالغة، وبقصد بذلك: أن فمها عذب رضابة له رائحة ذكية في وقت السحر ذلك الوقت الذي تتغير فيه رائحة الأفواه عادة، فما بالك به في غير هذا الوقت؟ !

وإنما سمي هذا القسم تشبيه التسوية؛ لأنه سوى بين أمرين أو أمور في الإلحاق بأمر واحد - كما رأيت.

الرابع: تشبيه الجمع: وهو ما يتعدد فيه المشبه به دون المشبه، وذلك كما في قول البحتري:

بات نديماً لي حتى الصَّباح ... ... أغيد مجدول مكان الوشاح

كأنما يبسم عن لؤلؤ ... ... منضد أو برد أو أقاح

<<  <   >  >>