الوصل عند البلاغيين هو عطف جملة على أخرى بإحدى أدوات العطف.
والفصل: هو ترك هذا العطف، غير أن الذي يبحثون فيه إنما هو: العطف بالواو لأنها لمطلق الجمع، ولمجرد إشراك ما بعدها لما قبلها في إعرابه، بخلاف العطف بغيرها؛ لأنه وإن أفاد التشريك -أيضًا- إلا أن لكل حرف يفيد مع التشريك معنى آخر كالترتيب مع التعقيب في الفاء، والترتيب مع التراخي في ثم .. وهكذا.
فإذا توالت جملتان فإما أن يكون للأولى محل من الإعراب؛ بأن كانت واقعة في موقع الخبر، أو المفعول أو المضاف، وإما أن لا يكون لها محل من الإعراب، كالجملة الاستئنافية، وجملة الصلة.
فإذا كان للجملة الأولى محل من الإعراب فإما أن يقصد تشريك الثانية للأولى، في حكم الإعراب الذي لها، وإما أن لا يقصد تشريك الثانية للأولى في هذا الحكم.
فالحالة الأولى: وهي التي يقصد معها تشريك الجملة الثانية مع الأولى في الحكم الإعرابي -يجب فيها العطف، ليدل العطف على هذا التشريك.
وذلك كأن تكون الأولى خبرًا للمبتدأ، مثل:(محمد يعطي ويمنع) أو حالاً مثل: (قام يخطب ويشعر) أو صفة، مثل:(سلمت على رجل يأمر وينهي).
ويشترط لحسن الضعف في هذه الحالة: أن يكون بين الجملتين جهة جامعة، كالجهة الجامعة التي بين الكتابة والخطابة من التناسب، والتي بين الإعطاء والمنع من التضاد -كما سبق في المثالين- ومنه قول الله تعالى:{وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[البقرة: ٢٤٥]، فالجهة الخاصة بين القبض والبسط هي: التقابل.
ولهذا لا يحسن أن تقول: محمد يقرأ ويمنع، أو محمد يعطي شعر؛ لأنه لا تناسب بين القراءة والمنع، ولا بين الإعطاء والشعر.
وقد عيب علي أبي تمام قوله -من قصيدة بمدح بها محمد بن الهيثم-: