للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه قول الشاعر:

والورد في شط الخليج كأنه ... ... رمد ألم بمقلة زرقاء

فقد شبه هيئة الورد، وقد تدلى على شط الخليج بهيئة رمد أصاب عينًا زرقاء

فقد أوقع الشاعر في وهم السامع بهذا التشبيه أن الورد- وهو ما أجمع الناس على حسنه وجماله- قبيح قبح الرمد.

وإلى الغرضين السابقين أشار ابن الرومي بقوله:

تقول: هذا مجاج النحل تمدحه ... وإن تعب قلت: ذا قيء الزنابير

٧ - وإما أن يكون الغرض: "استطراف المشبه" كما في تشبيه فحم فيه جمر موقد، ببحر من المسك موجه الذهب، لإبرازه في صورة الممتنع عادة.

وقد يعود الغرض من التشبيه إلى المشبه، وذلك ضربان:

أحدهما: إبهام أن المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه، وذلك في التشبيه المقلوب الذي يجعل فيه الناقص مشبهًا به قصدًا إلى إدعاء أنه أكمل في وجه الشبه، كما في قول محمد بن وهب الحميري:

وبدا الصباح كأن غرته ... ... وجه الخليفة حين يمتدح

والغرة: بياض في وجه الفرس، واستعارها الشاعر لبياض الصبح، فأوهم بذلك أن وجه الخليفة أتم من الصباح في الوضوح والضياء، ثم استمر ذلك الإبهام فشبه غرة الصباح بوجه الخليفة حين يمتدح.

والثاني: بيان الاهتمام بالمشبه به، وذلك كتشبيه الجائع وجهًا كالبدر في الإشراق والاستدارة بالرغيف، ويسمى التشبيه المشتمل على هذا النوع من الغرض: إظهار المطلوب.

هذا إذا كان المراد هو إلحاق الناقص في وجه الشبه بالزائد فيه حقيقة أو إدعاء.

أما إذا أريد الجمع بين شيئين في أمر من الأمور من غير أن يقصد كون أحدهما ناقصًا والآخر زائدًا فالأحسن أن يترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه ويكون كل من

<<  <   >  >>