ب- التنبيه - من أول الأمر- على أن المسند خبر لا نعت، وذلك كما في قول حسان بن ثابت - رضي الله عنه- في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
له همم لا منتهى لبكارها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر
فإنه لو قال: همم له، لتوهم السامع أن (له) نعت لهمم، لأن النكرة تحتاج إلى الصفة أكثر من احتياجها إلى الخبر - وهذا التوهم- وإن كان يزول بمجرد النطق ببقية البيت إلا أن الإسراع بإيقاع المعنى في النفوس لأول وهلة أنسب بمقام المدح.
جـ- التشويق إلى ذكر المسند إليه، كالذي رووه من قول محمد بن وهيب في مدح المعتصم بالله العباسي:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
يحكى أفاعيله في كل نائلة الغيث، والليث، والصمصامة الذكر
وذلك لأنه لما قال: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها، اشتاقت النفوس إلى معرفتهم لأن في المسند ما يشعر بأنهم ذوو خطر، لأن الدنيا تشرق ببهجتهم، فلما أتى بالمسند إليه وقع في النفس موقعاً كريماً.