١٢ - التوبيخ والتعجب معًا: ودلالتها عليهما من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم لأنهما يستلزمان إنكار الموبخ عليه والمتعجب منه؛ وإنكارهما يستلزم عدم توجه الذهن إليهما، وهذا يستلزم الجهل بهما، والجهل بهما يستلزم الاستفهام عنهما.
ومنه قول الله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: ٢٨] أي: كيف تكفرون والحال أنكم عالمون بهذه القصة؟
ومثله قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ} [البقرة: ٤٤].
على أن المعاني المجازية للاستفهام ليست منحصرة فيما ذكرنا فحسب؛ فمنها الأمر كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} [المائدة: ٩١]، أي: انتهوا؛ والنهي كقوله تعالى: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ} [التوبة: ١٣] أي: لا تخشوهم؛ والنفي كقوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠] أي: ما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
ومنه قول الشاعر:
هل الدهر إلا ساعة ثم تنقضي ... بما كان فيها من بلاء ومن خفض؟ !
والتشويق كما في قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: ١٠].
والتمني كما في قوله تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: ٥٣].
والتكثير كما في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} [الأعراف: ٤].
* * * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute