للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثالها في الصفة المشبهة قول الشاعر:

ولئن نطقت بشكر برك مفصحاً ... فلسان حالي بالشكاية انطق

أي أدل: فشبه الدلالة بالنطق، ثم اشتق من النطق بمعنى الدلالة: "انطق" بمعنى "أدل"، على سبيل الاستعارة التصريحية.

ومثالها في أسمى الزمان والمكان قولك: "هذا مقتل فلان" مشيراً إلى زمان ضربه ضرباً شديداً أو إلى مكانه، فتشبه الضرب الشديد بالقتل، ثم تشتق من القتل بمعنى الضرب الشديد "مقتل" اسم زمان أو مكان، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

ومثالها في الحرف قول الله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًا وحَزَنًا) [القصص: ٨] فلام العلة: موضوعة لترتب ما بعدها على ما قبلها ترتب العلة على المعلول، وعلى هذا، فاللام في قوله تعالى: "ليكون" مستعملة في غير ما وضعت له، لأن ما بعدها - وإن كان مترتباً على ما قبلها - ليس علة باعثة عليه، لأن آل فرعون لم يلتقطوا موسى - عليه السلام - ليكون لهم عدواً وحزناً، وإنما ألتقطوه ليكون لهم حبيباً وسروراً، ولكن لما كانت النتيجة المترتبة على الالتقاط هي العدوان والحزن لا المحبة والسرور شبه العداوة والحزن المترتبان على الالتقاط في الواقع بالمحبة والسرور اللذين كان ينبغي أن يترتبا عليه، ثم استعملت فيه اللام تجوزاً.

وطريقة إجراء الاستعارة فيه أن تقول: شبه مطلق ترتب علة واقعية "كالعداوة والحزن" على الالتقاط، بمطلق ترتب علة غائية "كالمحبة والسرور" بجامع مطلق ترتب على شيء على شيء فسرى التشبيه من هذين الكليين إلى جزئياتهما، ثم استعير بناءً على هذا التشبيه الحاصل بالسراية اللام الموضوعة لجزء من جزئيات المشبه به لجزء من جزئيات المشبه، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

[قرينة الاستعارة التبعية]

ترجع قرينة الاستعارة التبعية - في الفعل والمشتقات - غالباً إلى ما يأتي:

أولاً: الفاعل: وذلك بأن يكون إسناد الفعل إليه غير صحيح، فيدل ذلك على أن المراد بالفعل معنى يناسب الفاعل، كما في قوله تعالى (إنَّا لَمَّا طَغَا المَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ) [الحاقة: ١١]

<<  <   >  >>