أو كان الملائم تقريباً، كما في قوله تعالى:(أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ)[البقرة: ١٦] فقد استعير الاشتراء "للاختيار" واشتق منه "اشتروا" بمعنى: اختاروا، ثم فرع عليه بما يلائم المستعار منه، وهو: نفي الربح والتجارة ترشيحاً للاستعارة.
وأما المجردة فهي:"ما ذكر معها ما يلائم المستعار له" سواء أكان الملائم صفة نحوية، كما في قول البحتري:
يؤدون الشحية من بعيد ... إلى قمر من الإبوان باد
فقد استعار القمر للإنسان الجميل، ثم وصف المستعار له بما يلائمه من كونه مطلاً من الإيوان تجريداً للاستعارة، وقرينتها قوله:"يؤدون التحية من بعيد".
أو كان الملائم صفة معنوية، كما في قول كثير عزة:
خمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً ... غلقت لضحكته رقاب المال
أي: هو كثير العطاء واسع الجود، فإذا ما تبسم لطالبي معروفه تمكنت من أيديهم رقاب أمواله وتعذر انفكاكها، كالرهن الحبيس في يد المرتهن وقد عجز الراهن عن استرداده.
وقد استعار الشاعر الرداء لسلعطاء بعد أن شبه العطاء به في الوقاية والحفظ، فالمال يصون العرض والرداء يصون السوأة، ثم وصف الرداء "بالغمر" الملائم للمستعار له وهو العطاء تجريداً للاستعارة، وقرينتها: بقية البيت من تبسم الممدوح، وحبس رقاب أمواله في أيدي طالبي معروفه، أو كان الملائم تفريعاً: كما في قولك: "رأيت غضنفرا في حومة الوغى، فلجأت إلى ظل رمحه" فقد استعير "الغضنفر" للرجل الجريء، والقرينة هي:"في حومة الوغى" ثم فرع عليه بما يلائم المستعار له وهو اللجوء إلى ظل رمحه.
وإنما سميت هذه الاستعارة مجدرة لأنها تجردت عما يقوى فيها دعوى اتحاد المشبه بالمشبه به.