إحداهما: مبهمة، والأخرى موضحة؛ فيزداد بذلك تقريرًا وتمكنًا في النفس، وتكمل لذة العلم به، ويفخم الأمر في ذهن السامع ويعظم إذا كان المقام يقتضي هذا التفخيم والتعظيم، ومنه قول الله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمّ} [طه: ٣٦: ٣٩] فقوله: {َما يُوحِي} مبهم فسر بقوله: {اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ}.
ومنه قوله تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}[الحجر: ٦٦] فقوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} إيضاح للإبهام الذي تضمنه لفظ الأمر في قوله: {وقضينا إليه ذلك الأمر}.
ويدخل في الإيضاح بعد الإبهام أمران:
الأول: باب "نعم وبئس"- على رأي من يجعل المخصوص خبرًا لمبتدأ محذوف أو العكس لأن الكلام في هذه الحال يكون مركبًا من جملتين:
إحداهما مبهمة؛ وهي جملة الفعل الدال على المدح أو الذم؛ والأخرى موضحة وهي: جملة المخصوص بالمدح أو الذم. ووجه حسن باب "نعم وبئس" سوى ما ذكر من الإيضاح بعد الإبهام- هو: إبراز الكلام في معرض التوسط بين الإيجاز الخالص، والإطناب الخالص، إذ هو ليس إيجازًا خالصًا، لما فيه من الإيضاح بعد الإبهام، وليس إطنابًا خالصًا، لما فيه من حذف المبتدأ.
الثاني: الوشيع، وهو في اللغة: لف القطن المندوف، أي: جمع القطن المتفرق في لحاف ونحوه، ومعناه في اصطلاح البلاغيين:(أن يؤتي في عجز الكلام - غالبًا - بمثنى مفسر باسمين ثانيهما معطوف على الآخر، أو بجمع مفسر بأسماء معطوف بعضها على بعض).
مثاله في المثنى قولك:(عليك بالشفاءين: العسل والقرآن).