وكقولك:"العلم كالحياة" فوجه الشبه وهو: "أعظم الفائدة" عقلي، كما أن الطرفين وهما:"العلم" و "الحياة" عقليان - أيضاً.
والواحد العقلي ذو الطرفين الحسيين، كقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم"، فوجه الشبة - وهو "الهداية" عقلي، ولكن الطرفين وهما:"أصحاب النبي والنجوم" حسيان "كما ترى" وكقولك: "محمد كالجبل ثباتاً" فوجه الشبه وهو "الثبات" عقلي، ولكن الطرفين وهما:(محمد) و (الجبل) حسيان.
والواحد العقلي ذو الطرفين المختلفين حساً وعقلاً؛ كما في قولك:(العلم كالنور) فوجه الشبه وهو "الهداية" عقلي؛ والمشبه - وهو العلم - عقلي، ولكن المشبه به؛ وهو "النور" حسي؛ فالطرفان مختلفان حساً وعقلاً.
وكقولك:(مطر كخلق الكريم) فوجه الشبة وهو: "استطابة النفس" عقلي والشبة وهو "العطر" حسي، ولكن المشبه به - وهو:"خلق الكريم" - عقلي فالطرفان مختلفان حساً وعقلاً.
ومن هذا القبيل قول جرير:
أحلامنا تزن الجبال رزانة ... ... ويفوق جاهلنا فعال الجهلَّ
فوجه الشبة، وهو:"الرزانة"، عقلي والمشبه وهو الأحلام، عقلي، ولكن المشبه به - وهو الجبال - حسي، فالطرفان مختلفان حساً وعقلاً.
والمركب العقلي: كما في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)[الجمعة: ٥] فقد شب حال اليهود - في حملهم للتوراة، بمعنى تكليفهم العمل بها، وكونها مسترع العلم النافع لهم، وعدم حملهم لها، بمعنى عدم العمل بمقتضاها والانتفاع بما فيها من تحملهم ما طلب إليهم مما يثقل عليهم وبشق على نفوسهم، شبه هذا الحال بحال الحمار في حملة أوعية العلوم ومستودع ثمرة العقول، وعدم انتفاعه بما يعمل مع مساندة مشاق الحمل.
ووجه الشبة هو:(هيئة الحرمان من الانتفاع بأبلغ نافع، مع معاناة الكد في استصحابه) وتلك الهيئة أمر عقلي، أخذ من عدة أمور - كما رأيت-.