تقول في قصر الموصوف على الصفة قصر تعيين:(ما الحجاج إلا خطيب) خطاباً لمن تردد بين وصفه بالخطابة والكتابة من غير أن يعلم أحدهما على التعيين.
فهو تخصيص أمر هو الحجاج بصفة هي: الخطابة مكان صفة أخرى هي: الكتابة.
وتقول في قصر الصفة على الموصوف قصر تعيين:(ما شجاع إلا وائل) خطاباً لمن تردد بين شجاعته وشجاعة بكر ولا يدري أحدهما على التعيين.
فهو تخصيص صفة هي: الشجاعة بأمر هو: وائل مكان أمر آخر هو: بكر.
هذا وقد اتضح لك مما أسلفنا أن تقسيم القصر إلى إفراد، وقلب، وتعيين إنما هو خاص بالقصر الإضافي، ولا دخل له بالقصر الحقيقي، وذلك لأن القصر - في القصر الحقيقي- إنما هو بالنسبة إلى كل ما عدا المقصور عليه، ولا يتأتى في مصل هذا اعتقاد شركة، أو عكس تردد.
شرط قصر الموصوف على الصفة إفراداً: ألا يتنافى الوصفان: لقولنا: (ما أبو الطيب إلا شاعر) ينبغي أن تكون الصفة المنفية فيه: كونه كاتباً، أو خطيباً، لا كونه مفحماً، أي: غير شاعر، إذ الإقحام ينافي الشاعرية.
وإنما شرط هذا الشرط ليتأتى اعتقاد المخاطب اجتماعهما في موصوف واحد، اللهم إلا أن يكون المخاطب يعتقد ذلك جهلاً، فإنه يصح الرد عليه حينئذ بقصر الإفراد، إذ المدار فيه على اعتقاد المخاطب وإن لم يطابق اعتقاده الواقع.
ويشترط في قصر الموصوف على الصفة قلباً: أن يتنافى الوصفان في الواقع، فقولنا:(ما وائل إلا كريم) ينبغي أن تكون الصفة المنفية فيه كونه بخيلاً، لا كونه شاعراً أو كاتباً، وذلك ليكون إثبات المتكلم إحدى الصفتين مشعراً بانتفاء الصفة الأخرى مع دلالة العبارة على أن المخاطب يعتقد العكس فيكون قصر قلب بيقين.
أما إذا لم تكن إحدى الصفتين منافية للأخرى، كما في قولك:(ما ابن العميد إلا كاتب) أي: لا شاعر - مثلاً - فإنه وإن أشعر بانتفاء الشاعرية - مثلاً - لا يدل قطعاً على أن المخاطب يعتقد العكس بل يحتمل في حد ذاته أن يكون المخاطب معتقداً الشركة نظراً لجواز اجتماع وصفي الكتابة والشعر، فيكون قصر إفراد، مع أن الغرض هو قصر القلب.