فإذا قلت:(ما ياسر غبياً بل ذكي) كان المقصور عليه هو: صفة الذكاء التي وقعت بعد (بل) وإذا قلت: (ما علي شجاعاً بل طارق) كان المقصور عليه هو: طارق الذي وقع بعد (بل).
وكذلك إذا قلت:(ما محمد بخيلاً لكن كريم) كان المقصور عليه هو: صفة الكرم التي وقعت بعد (لكن)، وإذا قلت:(ما فؤاد ناجحاً لكن علي) كان المقصور عليه هو (علي) الذي وقع بعد (لكن).
على أنه يجب أن ننبه إلى أن (بل) إنما تفيد القصر إذا كانت واقعة بعد النفي دون الإثبات، وذلك لأنها بعد النفي تفيد: إثبات الحكم للتابع، فيأتي القصر، أما إذا وقعت بعد الإثبات فإنها لا تفيد رفع الحكم عن المتبوع لكنها تجعله في حكم المسكوت عنه فلا يتأتى القصر.
فمثل قولك:(ما ابن العميد شاعر بل كاتب) معناه نفي الشاعرية عن ابن العميد وإثبات الكتابة له، وهذا هو القصر، فالمقصور عليه هو ابن العميد، والمقصور هو الكتابة قصر موصوف على صفة.
ولكن إذا قلت:(ابن المقفع شاعر بل كاتب) كان معناه: ثبوت الكتابة لابن المقفع مع السكوت عن نفي الشاعرية عنه أو إثباتها له، وليس هذا بقصر أما (لكن) فلا نزاع فيها، لأنها لا تقع إلا بعد النفي.
وكون القصر حقيقياً أو إضافياً - إذا جاء عن طريق العطف- متوقف على المعطوف؛ فإذا كان المعطوف عاماً كان القصر حقيقياً، وإذا كان المعطوف خاصاً كان القصر إضافياً.
فالقصر في قولك:(زهير شاعر لا غير زهير) في قصر الصفة على الموصوف وقولك: (ابن العميد كاتب لا غير كاتب) في قصر الموصوف على الصفة - قصر حقيقي.
والقصر في قولك:(أبو الطيب شاعر لا ابن العميد) في قصر الصفة على الموصوف، وقولك:(ابن العميد ناثر لا شاعر) في قصر الموصوف على الصفة - قصر إضافي.