للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثله قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١]، فقوله تعالى: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} تذييل أريد به التأكيد لما استفيد مما قبله، وهو جار مجرى المثل لاستقلاله عما قبله، وذلك لتضمنه معنى كليا، وهو أن الباطل لا تقوم له قائمة.

ومنه قول الخطيئة:

نزور فتى يعطي على الحمد ماله ... ومن يعط أثمان المحامد يحمد

(ب) نوع لا يجرى مجرى المثل: لأنه لا يستقل بمعناه، وإنما يتوقف على ما قبله، كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: ١٧] فقوله تعالى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} تذييل غير جار مجرى المثل، إذا أريد بالجزاء ذلك الجزاء الخاص المدلول عليه في الآيات السابقة، من إرسال سيل العرم عليهم وتبديل جنتهم بجنتين ذواتي أكل خمط .. إلخ.

ومن هذا النوع قول ابن نباتة السعدي:

لم يبق جودك لي شيئًا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

فجملة (تركتني أصحب الدنيا بلا أمل) لا يفهم معناها مستقلًا عما قبلها.

(جـ) وقد اجتمع النوعان في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: ٣٤، ٣٥]، فقوله {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} تذييل لا يجرى مجرى المثل، وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} تذييل جرى مجرى المثل.

والتأكيد بالتذييل يكون:

(١) إما لتأكيد منطوق الجملة السابقة، كما في قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١].

(٢) وإما لتأكيد مفهومها، كما في قول النابغة:

ولست بمتبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب؟ !

<<  <   >  >>