والتورية هنا في قوله (الجفون) لأن هذا اللفظ له معنيان: قريب وهو: أجفان العيون، وليس مرادًا وبعيد وهو أجفان السيوف؛ والترشيح هنا في قوله:(أغضينا) لأنه مما يلائم المعنى المورى به وهو: العين؛ وقد جاء قبل التورية؛ والقرينة هنا حالية، وهي: أنه يتحدث عن الحرب التي تستخدم فيها السيوف، وهذه القرينة هي التي صرفت اللفظ عن معناه القريب إلى معناه البعيد.
أما ما كان التشريح فيها بعدها فمثاله قول القاضي الإمام أبي الفضل عياض في صيفية باردة:
كأن كانون أهدى من ملابسه ... لشهر تموز أنواعًا من الحلل
أو الغزالة من طول المدى خرفت ... فما تفرق بين الجدي والحمل
التورية هنا في قوله:{الغزالة} لأن هذا اللفظ له معنيان: قريب وهو: الظبية؛ وليس مرادًا، بقرينة الحديث عن بروج الشمس؛ وبعيد وهو: الشمس، وهو المراد.
والترشيح هنا في قوله:(خرفت) وقد جاء بعد التورية- كما ترى- وقد تقترن التورية بما يلائم المعنى البعيد؛ أو بما يلائم المعنيين معًا، ولكنها تكون مجردة.
فمثال ما يلائم المعنى البعيد؛ أو بما يلائم المعنيين معًا، ولكنها تكون مجردة.