للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد شبه العهد وهو عقلي بأكناف الربا وهي حسية، وشبه العهد- أيضًا- وهو عقلي بأعطاف الصبا وهي حسية.

كما أنه قد شبه الزمان "وهو عقلي" بغيناء زاهية، أي شجرة خضراء كثيرة الأغصان "وهي حسية" وشبه الأوقات "وهي عقلية" بالرياحين "وهي حسية"

كما أن لك أن تشبه محسوسًا بمعقول، كما في قول أمير الشعراء أيضًا:

والنيل يقبل كالدنيا إذا احتفلت ... لو كان فيها وفاء للمصافينا!

فقد شبه إقبال النيل، أي: فيضانه "وهو حسي" بإقبال الدنيا واحتفائها "وهو عقلي".

ومن ذلك قول ابن بابك:

وأرض كأخلاق الكريم قطعتها ... وقد كحل الليل السماك فأبصرا

فلما كانت الأخلاق توصف بالسعة والضيق وكثر ذلك، شبه الشاعر الأرض وهي أمر حسي بأخلاق الكريم في سعتها "وهي أمر عقلي".

وقول أبي طالب المأموني:

وفلا كآمال يضيق بها الفتى ... لا تصدق الأوهام فيها قيلا

أقريتها بشنملة تقرى الفلا ... عنفًا وتقريها الغلاة تحولا

فقد شبه الفلاة في سعتها وهي أمر محسوس بالآمال في سعتها وهي أمر عقلي.

وقد قالوا: إن المراد بالحسي هنا هو: "ما يدرك هو أو مادته بإحدى الحواس الخمس الظاهرة" ليدخل في الحسي: ما لا تدركه الحواس بذاته، ولكن تدرك مادته، وهو المركب الذي توجد أجزاؤه في الخارج دون صورته المركبة، فتكون مادته مدركة بالحس دون صورته لعدم وجودها كما في قول الصنوبري:

<<  <   >  >>