وتحدثت عنه على أنه الأسد بعينه، فقد دخلت في الاستعارة، كأن تقول:"سلمت على أسد" تريد" خالدًا- مثلاً.
وقد تذكر المشبه وتحذف المشبه به ولكنك تبقى شيئًا من لوازمه، كأن تقول: "أظفار المنية نشبت بفلان" تريد أن تبالغ في تشبيه المنية بالأسد، فتحذفه وتبقى لوازمه، وهي الأظفار والنشوب.
فالاستعارة: تشبيه حذف أحد طرفيه، وإن شئت قلت ما قاله الخطيب: الاستعارة: "مجاز علاقته المشابهة".
وقد علمت أنه يشترط في المجاز أن تكون هناك قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي للفظ.
فالاستعارة في اصطلاح البلاغين هي: "اللفظ المستعمل في غير المعنى الذي وضع له لعلاقة المشابهة، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي".
وذلك كما في قول زهير:
لدى أسد شاكي السلاح مقذف ... له ليد أظفاره لم تقلم
يقول: أنا عند أسد، أي رجل شجاع مقدام، فشبهه بالأسد، ثم استعار له لفظ الأسد.
وكقول أبى الطيب المتبني- وقد قابله الممدوح وعانقه:
ولم أر قبلي من مشى البحر نحوه ... ولا رجلاً قامت تعانقه الأسد
فقد شبه الممدوح بالبحر في الكرم وبالأسد في الشجاعة، ثم استعار لفظيهما.
وطريقة إجراء الاستعارة أن تقول: شبه الرجل الشجاع بالأسد في الجرأة والإقدام، ثم تنوسى التشبيه، وأدعى أن المشبه فرد من أفراد المشبه به وداخل في جنسه، ثم استعير لفظ المشبه به وهو: "الأسد" للمشبه، وأطلق عليه باعتباره أحد أفراد الأسد، ومثل هذا يقال في كل استعاره.