كما في المثال السابق، وكما في قولهم:"فلاتة نئوم الضحى" كناية عن أنها مترفة مخدومة، فقد صرح بالموصوف- وهو فلاتة - كما صرح بالنسبة، وهي إسناد النوم في الضحى إليها، ولم يصرح بالصفة المطلوب نسبتها، وهي:"الترف والنعمة" ولكن ذكر مكانها صفة تستلزمها، وهي: النوم إلى الضحى.
وهي نوعان: قريبة، وبعيدة:
(أ) فالقريبة هي: "ما ينتقل فيها الذهن من المعنى الأصلي إلى المعنى المقصود بلا واسطة بين المنقول عنه والمنقول إليه" كما في قولك: "فلان طويل النجاد".
فالمطلوب بقولك:"طويل النجاد" صفة هي: "طول القامة"، وليس بين طول النجاد وطول القامة واسطة، وإنما ينتقل الذهن من طول النجاد إلى طول القامة مباشرة.
والقريبة نوعان: واضحة، وخفية:
١ - فالواضحة: ما يفهم منها المقصود لأول وهلة لوضوح اللزوم بين المكنى والمكنى عنه، كما سبق في قولك:"فلان طويل النجاد".
ومنه قول الشاعر:
أبت الروادف والثدي لقمصها ... مس البطون وأن تمس ظهورا
فقد كنى عن كبر عجيزة المرأة وتهود جدييها، بارتفاع قمصها عن أن تمس منها بطناً، أو ظهرا، وهي واضحة - كما ترى-.
٢ - والخفية: مالاً يفهم منها المقصود إلا مع شيء من التأمل والتفكير لخفاء اللزوم بين المكنى عنه والمكني به، كما في قولهم:" فلان عريض القفا" كناية عن غبائه، فإن عرض القفا مما يدل على البلاهة والبلادة، إلا أن فهم ذلك يتوقف على إعمال فكر وروية، لخفاء اللزوم بين المعنيين، لأنه لا يدركه كل أحد.
(ب) والبعيدة: ما ينتقل الذهن فيها من المعنى الأصلي إلى المعنى المراد بواسطة،