قوم إذا لبسوا الحديد ... تنمروا حلقا وقدا
كل امرئ يجري إلى ... يوم الهياج بما استعدا
لما رأيت نساءنا ... يفحصن بالمعزاء شدا
وبدت لميس كأنها ... بدر السماء إذا تبدى
وبدت محاسنها التي ... تخفى وكان الأمر جدا
نازلت كبشهم ولم ... أر من نزال الكبش بدا
هم ينذرون دمى وأنـ ... ـذر إن لقيت بأن أشدا
كم من أخٍ لي صالحٍ ... بوأته بيدي لحدا
ما إن جزعت ولا هلعـ ... ـت ولا يرد بكاي زندا
ألبسته أثوابه ... خلقت ويوم خلقت جلدا
أغني غناء الذاهبيـ ... ـن أعد للأعداء عدا
ذهب الذين أحبهم ... وبقيت مثل السيف فردا
فالشاعر في مقام الفخر بانتصار قومه على قبيلتي (كعب) و (فهد) اللتين أغارتا على قومه طالبين قتله وقد خرج إليهم غير عابئ بجموعهم؛ فنازل رئيسهم وهزمهم.
واقرأ هذه القصيدة وتفقد كلماتها؛ فإنك ستجدها سهلة الألفاظ، سلسة الأسلوب، جميلة المعاني، تعانقت كلماتها تعانقا لطيفاً آخذاً بعضها بحجز بعض حتى إنك لا تمل من قراءها لسهولتها وسلاسة أسلوبها، وجمال نظمها؛ فقد جاءت كلماتها فصيحة، متماسكة، قوية، معبرة أصدق تعبير عن مشاعر هذا الفارس، مصورة لتجربته في اللقاء والنزال، موحية بما يكنه لقومه من حب وإيثار، وبما يتمتع به من قوة الجلد والصبر في ميادين الشرف والبطولة.
وقد ضمنها خصائص بلاغية قيمة، فعرف حيث يقتضي المقام التعريف، ونكر حيث يقتضي المقام التنكير وأكد حيث يقتضي المقام التأكيد، وتجنب التأكيد حيث لا يقتضي المقام التأكيد، وهذا هو المقصود بقولهم: مطابقة الكلام لمقتضى الحال.