قوله: في البيع، متعلق بالملامسة والمنابذة، وللفقهاء في تفسير الملامسة ثلاثة أقوال: أحدها: أن يلمس ثوبًا مطويا ثمَّ يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه، والثاني: أن يقول إذا لمسته فقد بعتك، وهذان القولان مأخوذان من هذا الحديث على اختلاف الروايتين، فرواية: لا يقلبه، بتقديم اللام على الباء الموحدة، شاهده للقول الأول، ورواية: لا يقبله، بتقديم الباء على اللام شاهده للقول الثاني، وأما القول الثالث: فهو أن يبيعه شيئًا على أنَّه متى لمسه وجب البيع، واختار الشافعي وجمهور أصحابه التفسير الأول، والبيع باطل على التأويلات الثلاثة.
أما المنابذة: فللفقهاء في تفسيرها أيضًا ثلاثة أقوال، أحدها: أن يجعل النبذ بيعًا قائمًا مقام الصيغة قاله الشافعي، الثاني: أن يقول: إذا نبذت الثوب فقد وجب البيع، والثالث: أن المراد نبذ الحصى، وسيأتي، وعلى التأويلات هو باطل أيضًا.
وأما اشتمال الصماء: بالمد، فقد فسرها الفقهاء بالمذكور في هذا الحديث، وقال الأصمعي وأكثر أهل اللغة: أن يشتمل بثوب حتى يجلل به جسده لا يرفع منه جانبًا فلا يبقى ما يخرج منه يده، فعلى تفسير أهل اللغة يكره بالاحتمال أن تعرض له حاجة من دفع بعض الهوام ونحوها، أو غير ذلك فيعسر عليه، أو يتعذر، فيلحقه الضرر، وعلى التفسير الواقع في الحديث يحرم.
وأما الاحتباء: بالمد، فهو أن يقعد الإنسان على إليتيه وينصب ساقيه ويحتوي عليهما بثوب أو نحوه، أو بيده، وهذه القعدة يقال لها: الحبوة بضم الحاء وكسرها وكان هذا الاحتباء عادة العرب في مجالسهم، فإن انكشف معه شيء من العورة فهو حرام.
٢٠٩٥ - نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر".
قلت: رواه مسلم وأبو داود والترمذي كلهم من حديث أبي هريرة. (١)
(١) أخرجه مسلم (١٥١٣)، وأبو داود (٣٣٧٦)، والترمذي (١٢٣٠).