للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومجندة: أي مجموعة، كما يقال ألوف مؤلفة وقناطير مقنطرة.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقطع عليكم فيها بعوث" أي يُقدر عليكم في تلك الجنود بعوث أي جيوش بمعنى تلزمون أي تخرجون وينبعث من كل قوم إلى الجهاد، فيكره الرجل البعث فيتخلص أي يخرج ويفر من قومه طلبًا للخلاص من الغزو، ومعنى الحديث والله أعلم: أن الرجل يكره البعث، فلا يغزو مع قومه في سبيل الله، ثم يعرض نفسه على القبائل، يعرض نفسه ليغزو بالأجرة، فتلك الأجرة هي ثوابه في كل ما يصيبه في ذلك الغزو إلى آخر قطرة من دمه، لا يثاب على شيء مما أصابه من جرح وسفك دم، بل تلك الأجرة حظه إلى نفاذ أجله، ويقطع بعد ذلك أجره، فإن الغرض الدنيوي قد استحقه ولا شيء له في الآخرة يجزى عليه، بخلاف من غزا لله فإن عمله ورزقه يجريان عليه.

قوله: "يعرض نفسه عليهم" هي بدل من يتصفح القبائل، بدل الفعل من الفعل، ويجوز أن تكون الجملة في محل النصب على الحال من الضمير المرفوع في يتصفح، أي يتصفح القبائل عارضًا نفسه عليهم قائلًا لهم: مَنْ أكفيه بعث كذا؟

٢٩٣٥ - قال: آذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغزو، وأنا شيخ كبير، ليس لي خادمٌ، فالتمست أجيرًا يكفيني، فوجدت رجلًا سميت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت غنيمة، أردت أن أجري له سهمه، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له؟ فقال: "ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة، إلا دنانيره التي تسمي".

قلت: رواه أبو داود فيه من حديث يعلى بن أمية وسكت عليه. (١)

وآذن: ممدود الهمزة مفتوح الذال المعجمة أي: أعلم، يقال آذن إيذانًا أي أعلم إعلامًا، ومنه أن الدنيا قد آذنت بصرم كله مخفف. بمعنى أعلم.


(١) أخرجه أبو داود (٢٥٢٧) وإسناده حسن، وكذلك أخرجه البيهقي (٦/ ٣٣١).