للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٥٩٨ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، -وفي رواية: بمائة امرأة- كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله، فلم يقل ونسي، فطاف عليهن، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون".

قلت: رواه الشيخان: البخاري في كتاب النكاح عند آخره وهو أيضًا ومسلم في الأيمان والنذور من حديث أبي هريرة (١) ورواية: مائة امرأة، للبخاري وكذا فقال له الملك ولهما جميعًا فقال له صاحبه، وأخرجه النسائي في الأيمان والنذور.

قوله: كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، هذا قاله على سبيل التمني للخير وقصد به الآخرة، والجهاد في سبيل الله.

قوله: "ونسي" ضبطه بعض الأئمة بضم النون وتشديد السين وهو ظاهر حسن، قوله: شق رجل، قيل هو الجسد الذي ذكر الله تعالى أنه ألقى على كرسيه، قوله - صلى الله عليه وسلم - وايم الذي نفسي بيده، فيه جواز اليمين بهذا اللفظ، وهو وأيم الله، واختلف العلماء في ذلك، فقال مالك وأبو حفيفة: هو يمين، وقال أصحابنا: إن نوى به اليمين فهو يمين وإلا فلا، قوله - صلى الله عليه وسلم - لو قال: إن شاء الله لجاهدوا، فيه إن الاستثناء يكون بالقول ولا يكفي فيه النية، وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكي عن بعض المالكية أن قياس قول مالك صحة الاستثناء بالنية من غير لفظ، وفي هذا الحديث جواز قول "لو" وقد جاء: ولولا في القرآن والسنة، وترجم البخاري على هذا باب ما يجوز من "لو" وأدخل فيه قول لوط عليه السلام لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، وأمثال هذا، قال بعض العلماء: والذي يفهم من ترجمة البخاري، وما ذكره


(١) أخرجه البخاري (٦٦٣٩)، ومسلم (١٦٥٤).