في الباب من القرآن والسنة، أنه يجوز استعمال لو، ولولا، فيما يكون للاستقبال، مما امتنع من فعله لامتناع غيره، وهو من باب الممتنع من فعله لوجود غيره، وهو من باب لولا، لأنه لم يدخل في الباب إلا ما هو للاستقبال، أو ما هو حق صحيح متيقين، كحديث:"لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، دون الماضي والمنقضي، أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق، "وقد ثبت في صحيح مسلم" قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، وهذا إذا قاله على جهة الحتم والقطع بالغيب"، أنه لو كان كذا لكان كذا من غير ذكر مشيئة الله تعالى، والنظر إلى سابق قدره، وخفي علمه علينا، فأما من قاله على التسليم ورد الأمر إلى المشيئة فلا كراهة فيه.
وأشار بعضهم إلى أن لولا تخالف، والظاهر أنهما سواء، إذا استعملنا فيما لم يحط به الإنسان علمًا، ولا هو داخل تحت مقدوره مما هو تحكم واعتراض على الغيب والقدر كقول المنافقين:{لو أطاعونا ما قتلوا}{ولو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا}.
{ولَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فمثل هذا هو المنهي عنه، وأما هذا الحديث الذي نحن فيه، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يقين بوحي، أن سليمان لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا، إذ ليس هذا مما يدرك بالظن والاجتهاد، وهو نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - "لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم" فلا تعارض بين هذا وبين حديث النهي عن لو، ولولا، قال الله تعالى:{لولا كتاب من الله سبق} فكلما يكون من لو ولولا، مما يخبر به الإنسان عن علة امتناعه من فعله مما يكون فعله في قدرته، فلا كراهة فيه، لأنه إخبار حقيقة عن امتناع شيء لسبب شيء، أو حصول شيء لامتناع شيء (١).
٤٥٩٩ - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان زكريا نجارًا".