ولما كان الصحيحان بهذه المثابة، فقد نفر إلى خدمتهما وتقريبهما علماء السنة، وحفاظ الحديث، وتنوعت هذه الخدمة؛ كاختصارهما، أو الانتخاب منهما، أو جمع المتفق عليه بينهما، أو شرحهما، أو بيان غريبهما، أو عمل أطراف لهما، أو إفراد رجاطما، أو الصحابة الذي رووا لهما ... ، وهكذا.
وكان من جهود العلماء في تقريب الصحيحين وتيسيرهما للناس: الجمع بينهما، وأُلفت في ذلك كتب كثيرة منها:
١ - الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن حميد بن يصل الأزدي الحميدي المتوفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
ويلاحظ:
أ- أن الحميدي رحمه الله خالف طريقة صاحبي الصحيح في ترتيبه، فإنهما رتبا كتابيهما على الأبواب، أما هو فرتب الجمع بينهما على المسانيد، وذلك يُفَوِّتُ ما قصده الشيخان من جعل كتابيهما على الأبواب، فإن لهما في ذلك فقهًا دقيقًا.
ب- أن الحميدي أضاف إلى أحاديث الصحيحين زيادات من المستخرجات عليهما، وربما لم يميز الزيادة عن أصل الحديث عند صاحبي الصحيح.
قال السخاوي: "ربما يسوق الحديث الطويل ناقلًا له من مستخرج البرقاني أو غيره، ثم يقول: اختصره البخاري فأخرج طرفًا منه، ولا يبين