للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَنْظرُ قَال: فَأَتَيتُ مَكةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا (١) مِنْهُم فَقُلْتُ: أَينَ هذَا الذي تَدعُونَهُ الصَّابِئَ؟ فَأَشَارَ إلَيَّ فَقَال: الصَّابِئَ، فَمَال عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُل مَدَرَةٍ (٢) وَعَظْمٍ حَتى خَرَزتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، قَال: فَازتَفَعتُ حِينَ ازتَفَعتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، قَال: فَأَتيتُ زمزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ (٣) وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِها، وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ وَيَوْمٍ مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطني (٤)، وَمَا وَجَدتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعِ (٥) قَال: فَبَينَا أَهْلِ مَكةَ فِي لَيلَةٍ قَمرَاءَ إِضْحِيَانَ (٦) إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَسْمِخَتِهِم (٧)، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيتِ أَحَدٌ وَامرأتَانِ مِنْهُم تدعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، قَال: فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا فَقُلْتُ: أَنكحَا أَحَدَهُمَا الأُخْرَى، قَال: فَمَا تَنَاهتَا (٨) عَنْ قَوْلِهِمَا، قَال: فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوافِهِمَا فَقُلْتُ: هن مِثْلُ الْخَشَبَةِ (٩) غَيرَ أَنِّي لا أَكْنِي، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْولانِ (١٠) وَتَقُولانِ: لَوْ كَانَ هاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا، قَال: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأبو بَكْر وَهُمَا هابِطَانِ، فَقَال: (مَا لَكُمَا؟ ) فَقَالتَا (١١): الصَّابِئُ بَينَ الْكعبَةِ وَأَسْتَارها، قَال: (مَا قَال لَكُمَا؟ ). قَالتَا: إِنهُ قَال لَنَا كَلِمَةً تَفلأُ الْفَمَ (١٢). وَجَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتى استَلَمَ الْحَجَرَ


(١) "فتضعفت رجلًا" يعني: نظرت إلى أضعفهم فسألته.
(٢) مدرة: أي قطع الطين اليابسة.
(٣) في (أ): "الدم".
(٤) "تكسرت عكن بطني" يعني: انثنت لكثرة السمن وانطوت.
(٥) "سخفة جوع": هي رقة الجوع وضعفه.
(٦) "قمراء إضحيان" قمراء: معناه: مقمرة طالعة قمرها. وإضحيان: أي مشيئة.
(٧) المراد بأسمختهم هنا الآذان، أي: ناموا.
(٨) في (ك): "ثناهما".
(٩) "هن مثل الخشبة" الهن والهنة: هو كناية عن كل شيء، وأراد بذلك سب إساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك.
(١٠) الولولة: الدعاء بالويل.
(١١) في (ك): "قالت".
(١٢) "كلمة تملأ الفم" أي عظيمة لا شيء أقبح منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>