للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَتَلَقوْا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَذَلِكَ يَوْمَ الاثْنَينِ مِنْ شَهْرِ رَبِيع الأَوَّلِ، فَقَامَ أبو بَكْرٍ لِلناسِ (١) وَجَلَسَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ أَبَا بَكْرٍ، حَتى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْبَلَ أبو بَكْرٍ حَتى ظَللَ عَلَيهِ بِرِدَائِهِ فَعَرَفَ الناسُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي بني عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيلَةً، وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الذي أُسِّسَ عَلَى التقْوَى وَصَلى فِيهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشي مَعَهُ الناسُ حَتى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَال مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا (٢) لِلتمْرِ لِسُهَيلٍ وَسَهْلٍ غُلامَينِ يتِيمَينِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ (٣) بْنِ زُرَارَةَ، فَقَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: (هَذَا إِنْ شَاءَ الله الْمَنْزِلُ). ثُمَّ دَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الْغُلامَينِ (٤) فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالا: لا، بَلْ نَهبهُ لَكَ يَا رَسُولَ الله، فَأَبَى رَسُولُ الله أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللبِنَ:

(هَذَا الْحِمَالُ (٥) لا حِمَال خيبَرْ ... هَذَا أبرُّ (٦) رَبَّنَا وَأَطْهَرْ).

وَيَقُولُ:

(اللهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِره ... فَارْحَمِ الأنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ).


(١) "فقام أبو بكر للناس" أي: يتلقاهم.
(٢) "مربدًا: هو الموضع الذي يجفف فيه التمر.
(٣) في (أ): "سعد".
(٤) في (أ): "بالغلامين".
(٥) "الحمال": هو ما يحمل من اللبِن.
(٦) "أبر" أي: أبقى ذخرا وأكثر ثوابًا وأدوم منفعة وأشد طهارة من حمال خيبر، أي: التي تحمل التمر والزبيب ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>