للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظرَ إلَيهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَليهَا فَقَامَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ (١) حَتى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيهَا فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا (٢)؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (فَلِذَلِكَ سَعَى الناسُ بَينَهُمَا). فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالتْ: صَهٍ. تُرِيدُ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيضًا، فَقَالتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاث (٣)، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعٍ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَال بِجَنَاحِهِ حَتى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ (٤) وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (يَرْحَمُ الله أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ، أَوْ قَال: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَ (٥) عَينًا مَعِينًا) (٦). قَال: فَشرَبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَال لَهَا الْمَلَكُ: لا تَخَافُوا الضَّيعَةَ (٧) فَإِنَّ هَا هُنَا بَيتَ الله يَبْنِي هَذَا الْغُلامُ وَأسبوهُ، وَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأتِيهِ السُّيُولُ فَتَأخُذُ (٨) عَنْ يَمِينهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانت (٩)


(١) "سعي الإنسان المجهود" أي: الذي أصابه الجهد والمشقة.
(٢) قوله: "فلم تر أحدًا" ليس في (ك).
(٣) "غواث" بضم الغين وكسرها أي: إغاثة.
(٤) "تحوضه" أي: تجعله مثل الحوض.
(٥) في حاشية (أ) عن نسخة أخرى: "لكانت زمزم".
(٦) عينًا معينًا" أي: ظاهرا جاريًا على وجه الأرض.
(٧) "الضيعة" أي: الهلاك.
(٨) في (أ): "فتأخذه".
(٩) في (أ): "وكانت".

<<  <  ج: ص:  >  >>