للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَرْبَعَةَ آلافٍ في أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لابْنِ عُمَرَ ثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ فَلِمَ نَقَصتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ؟ فَقال: إِنما هاجَرَ بِهِ أَبَواهُ، يَقُولُ: لَيسَ هُوَ كَمَنْ هاجَرَ بِنَفْسِهِ (١).

وَخرَّج بَعْد هَذا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بُردَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَال: قال لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدرِي ما قَال أَبِي لأَبِيكَ؟ قَال: قُلْتُ: لا. قال: فَإِنَّ أَبِي قَال لأَبِيكَ: يا أَبا مُوسَى هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلامُنا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهِجْرَتُنا مَعَهُ وَجِهادُنا مَعَهُ وَعَمَلُنا كُلهُ مَعَهُ بَرَدَ لَنا (٢) وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلناهُ بَعْدَهُ نَجَوْنا مِنْهُ كَفافًا (٣) رأسًا بِرأسٍ، فَقال أَبُوكَ: لا والله قَدْ جاهَدْنا بَعْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَصَلينا وَصُمْنا وَعَمِلنا خَيرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيدِينا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنّا لَنَرْجُو ذَلِكَ، فَقال أبي: لَكِنِّي والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنا، وَأَنَّ كُلَّ شَيءٍ عَمِلْناهُ بَعْدُ نَجَوْنا مِنْهُ كَفافًا رَأسًا (٤) بِرأسٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ أباكَ والله خَيرٌ مِنْ أَبي (٥). وَفِي هَذا البابِ عَنْ عائِشَةَ، أَنَّ أَبا بَكْرٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْعَرَبِ يُقالُ لَها: أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمّا هاجَرَ أبو بَكْر طَلَّقَها، فَتَزَوَّجَها ابْنُ عَمِّها هَذا الشّاعِرُ الذِي قال هَذِهِ الْقَصِيدَةَ يرْثِي (٦) كُفارَ قُرَيشٍ:

وَماذا بِالْقَليبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الشِّيزَى (٧) تزَيَّنُ بِالسَّنامِ

وَماذا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الْقَيناتِ (٨) والشَّرْبِ (٩) الْكِرامِ


(١) البخاري (٧/ ٢٥٣ رقم ٣٩١٢).
(٢) "برد لنا" أي: ثبت لنا ودام.
(٣) "كفافًا" أي: سواء بسواء، والمراد لا موجبا ثوابًا ولا عقابًا.
(٤) في (أ): "ورأسًا".
(٥) البخاري (٧/ ٢٥٤ رقم ٣٩١٥).
(٦) في (أ): "يرثي بها".
(٧) "الشيزى": هو شجر يتخذ منه الجفان والقصاع التي يعمل فيها الثريد.
(٨) "القينات" جمع قينة، وهي المغنية.
(٩) "الشرب" جمع شارب، والمراد بهم الندامى.

<<  <  ج: ص:  >  >>