للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبد الله بن عمرو أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لم يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ» ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح «١» . انتهى.

وعماد الأمر التدبّر والتفهّم، فقلّة القراءة مع التفهّم أفضل من كثرتها من غير تفهّم، وهذا الذي عليه المحقّقون، وهو الذي يدلّ عليه القرآن، وصحيح الآثار، ولولا الإطالة، لأتينا من ذلك بما يثلج له الصدر، وقد ذكر بعض شراح «الرسالة» «٢» في الذي يقرأ القرآن من غير تأمّل ولا تفهّم، هل له أجر أم لا؟ قولان، وهذا الخلاف، والله أعلم، في غير المتعلّم، والقول بعدم الأجر على ضعفه هو ظاهر ما حكاه عياض «٣» في «المدارك» عن


وللحديث شاهد آخر من حديث حذيفة: أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٣١٣) ، عن أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد، ثنا سفيان بن عيينة، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني» .
وقال أبو نعيم: غريب، تفرد به أبو مسلم.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (١/ ٤١٣- ٤١٤) ، رقم (٥٧٣) ، من طريق يزيد بن خمير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى قال: «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلتي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ما أعطي السائلين» .
(١) أخرجه الترمذي (٥/ ١٩٨) ، كتاب «القراءات» ، باب (١٣) ، حديث (٢٩٤٩) ، وأبو داود (١/ ٤٤٣) ، كتاب «الصلاة» ، باب تحزيب القرآن، حديث (١٣٩٤) ، وابن ماجة (١/ ٤٢٨) ، كتاب «الصلاة» ، باب في كم يستحب يختم القرآن، حديث (١٣٤٧) ، والدارمي (١/ ٣٥٠) ، كتاب «الصلاة» ، باب في كم يختم القرآن، وأحمد (٢/ ١٩٥) ، وابن حبان (٣/ ٣٥) ، رقم (٧٥٨) ، كلهم من طريق قتادة، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان.
(٢) هي «الرسالة القشيرية» في التصوف، للإمام أبي القاسم عبد الكريم ابن هوازن القشيري، الأستاذ الشافعي، المتوفى سنة ٤٦٥ هـ، عن تسعة وثمانين عاما، وهي على أربعة وخمسين بابا، وثلاثة فصول، وقد شرحها القاضي زكريا بن محمد الأنصاري ت ٩١٠، في مجلد مع المتن، سماه «إحكام الدلالة على تحرير الرسالة» .
ومن شروحها «الدلالة على فوائد الرسالة» للشيخ الفقيه سديد الدين أبي محمد عبد المعطي بن محمود بن عبد العلي اللخمي.
وشرحها- أيضا- المولى علي القاري في مجلدين. ينظر: «كشف الظنون» (٨٨٣) .
(٣) هو أبو الفضل عياض- بكسر العين- بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى اليحصبي- بضم الصاد- المالكي، سبتي الدار والميلاد، أندلسي الأصل، ولد سنة ٤٧٦ هـ، ورحل إلى «الأندلس» ، وأخذ عن علمائها كأبي الوليد بن رشد، وأبي علي الغساني، وغيرهما، ثم عاد إلى «سبتة» وتولى بها التدريس والقضاء، وصار إمام وقته في الحديث، والتفسير، والفقه، والأصول، كما كان عالما بالنحو واللغة ومن أشهر مؤلفاته: كتاب «التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة» ، وكتاب «ترتيب المدارك في طبقات أصحاب مالك» . توفي سنة ٥٤٤ هـ.
ينظر: «ترتيب المدارك» (١/ ١٨) ، «الفكر السامي» (٣/ ٥٨) وما بعدها، «شجرة النور» ص ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>