للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً ... الآية، قال معاذ بن جبل: مَا شَيْءٌ أنجى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ «١» : رواه الترمذيُّ واللفظُ له، وابنُ ماجه، والحاكمُ في «المستدرك» وقال صحيح الإسناد، انتهى من «السلاح» .

وقوله سبحانه: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً ... الآية، نزلت بسبب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانَ قائِماً على المنبرِ يَخْطُبُ يومَ الجمعةِ، فأقبلت عِيرٌ مِنَ الشَامِ تحملُ مِيرةً، وصاحبُ أمْرِهَا دِحْيَةُ بن خليفةَ الكلبي، قال مجاهد: وكانَ مِن عُرْفِهِمْ أن تَدْخُلَ عِيرُ المدينةِ بالطَّبْلِ والمعازفِ، والصياحِ سروراً بها، فدخلتْ العيرُ بمثلِ ذلكَ، فانْفَضَّ أهْلُ المسجدِ إلى رؤيةِ ذلك وسماعه وتركوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائماً عَلَى المنبرِ، ولم يَبْقَ معه غَيْر اثنَيْ عَشَرَ رَجُلاً «٢» ، قال جابر بن عبد اللَّه: أنا أحَدُهُم، قال ع «٣» : ولم تَمُرَّ بِي تَسْمِيتُهم في ديوانٍ فيما أذْكُرُ الآنَ، إلا أنِّي سمعتُ أبي- رحمه اللَّه- يقولُ: همُ العشرةُ المشهودُ لهم بالجنةِ، واخْتُلِفَ في الحادِيَ عَشَرَ، فقيل: عمارُ بن ياسر، وقيل: ابن مسعودٍ، ت: وفي تقييد أبي الحسنِ الصغير: والاثْنَا عَشَر الباقون «٤» همُ الصحابةُ العَشَرَةُ، والحادِيَ عَشَرَ: بلالٌ، واخْتُلِفَ في الثاني عشر، فقيل: عمار بن ياسر، وقيل:

ابن مسعود، انتهى، قال السهيلي: وجَاءَتْ تسميةُ الاثْنَي عَشَرَ في حديثِ مُرْسَلٍ رواه أسد بن عمرو والدُ موسى بن أسد، وفيه: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لَمْ يَبْقَ معه إلا أبو بكرٍ وعُمَرُ وعثمانُ حتى العشرةِ، وقَال: وبلالٌ وابن مسعود، وفي روايةٍ: عمارُ بَدلَ ابنِ مسعودٍ، وفي «مَرَاسِيلِ أبي داودَ» ذكر السببَ الذي من أجله تَرَخَّصُوا، فقال: إن الخطبةَ يوم الجمعةِ كَانَتْ بعدَ الصلاةِ فَتَأَوَّلُوا- رضي اللَّه عنهم- أنهم قَدْ قَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ، فَحوِّلَتْ الخطبةُ بعد


(١) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٢٤٥) ، كتاب «الأدب» باب: فضل الذكر (٣٧٩٠) ، عن أبي الدرداء أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأرضاها عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ من إعطاء الذهب والورق، ومن أَنْ تُلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟» قالوا: وما ذاك يا رسول الله! قال: «ذكر الله» .
وقال معاذ بن جبل: «ما عمل امرؤ بعمل أنجى له من عذاب الله عزّ وجل من ذكر الله» .
وأخرجه الترمذي (٥/ ٤٥٩) (٣٣٧٧) نحوه، قال الترمذي: وقد روى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد مثل هذا الإسناد وروى بعضهم عنه فأرسله، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (١/ ٤٩٦) ، وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٩٩) ، برقم: (٣٤١٤٦) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٠٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٣٣١) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٠٩) .
(٤) في د: الباقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>