للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسكينٍ نصفُ صاعٍ، وذلك مُدَّانِ بمُدِّ النبيِّ صلّى الله عليه وسلم، والنُّسُكُ: شاة بإِجماع، ومَنْ أتى بأفضلَ منها ممَّا يذبح أو ينحر، فهو أفضلُ والمفتدِي مخيَّر في أيِّ هذه الثلاثة شاء، حيثُ شاء من مكَّة وغيرها.

قال مالكٌ وغيره: كلَّما أتى في القرآن «أَوْ أَوْ» ، فإِنه على التخْيير.

وقوله تعالى: فَإِذا أَمِنْتُمْ، أي: من العدُوِّ المُحْصِرِ/، قاله ابن عبَّاس وغيره»

، ٤٩ ب وهو أشبهُ باللَّفظ، وقيل: معناه: إِذا برأتم من مَرَضِكم «٢» .

وقوله سُبحانه: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ... الآية.

قال ابن عبَّاس وجماعةٌ من العلماء: الآيةُ في المحصَرين وغيرهم «٣» ، وصورة المتمتِّع «٤» أنْ تجتمعَ فيه ستَّةُ شروطٍ، أن يكون معتمراً في أشْهُر الحجِّ، وهو من غير


(١) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٦٨) ، والسيوطي (١/ ٣٨٤) ، وعزاه إلى سفيان بن عيينة، والشافعي في «الأم» ، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري (٢/ ٢٥١) ، وذكره البغوي (١/ ١٧٠) ، وابن عطية (١/ ٢٦٨) .
(٣) أخرجه الطبري (٢/ ٢٥٤) برقم (٣٤٣١) ، وذكره ابن عطية (١/ ٢٦٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٣٨٧) ، وعزاه إلى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) وهو عكس الإفراد أن يحرم الشخص بالعمرة أوّلا من الميقات الذي مرّ عليه في طريقه إن كان غير ميقات بلده، ثم يأتي بأعمالها، وبعد الفراغ منها يحرم بالحج من «مكة» أو من الميقات الذي أحرم منه للعمرة، أو من مثل مسافته، أو من ميقات أقرب منه، وسواء كان إحرامه بالعمرة في أشهر الحج أو قبل أشهره، وسواء حج في العام الذي اعتمر فيه، أو أخر الحج إلى عام قابل، فللتمتع أربع صور، وسمّي الآتي به:
متمتعا لأنه تمتّع بمحظورات الإحرام بين النّسكين. ولدم التمتع شروط أربعة: أن تقع عمرة المتمتع في أشهر الحج، فإذا أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج «سواء أتمها قبل دخول أشهر الحج أو أتمها فيها» فلا يجب عليه الدم، لأنه لم يجمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج، فأشبه المفرد. أن يحج من عامه، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج في عام آخر أو لم يحج أصلا، فلا دم عليه، لما روى البيهقي «كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعتمرون في أشهر الحج، فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا» .
ألا ويعود المتمتع بعد فراغه من العمرة إلى الميقات الذي أحرم منه أولا أو إلى ميقات آخر من مواقيت الحج ليحرم منه بالحج، فإن عاد المتمتع إلى الميقات ليحرم منه بالحج، فلا دم عليه لأن المقتضي للدم هو ذبح الميقات، وقد انتفى بعودة المتمتع إليه.
ألا يكون المتمتع من حاضري المسجد الحرام، لقوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة: ١٩٦] ، والمراد بحاضري المسجد الحرام من بين مساكنهم، والحرم أقل من مرحلتين، فإن كان المتمتع من أهل هذه الجهة، فلا يلزمه الدم، لقربه من الحرم، والقريب من الشيء يقال له: «حاضره» ، قال تعالى: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ [الأعراف: ١٦٣] أي-[.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>