للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنصاب: ربعُ دينارٍ أو ثلاثةُ دراهم، أو ما يساوي ثلاثة «١» دراهم، وقوله:


- وإذا لم يقم المالك بما طلب منه، وقصر في الصون انتفى القطع لعدم تمام الجريمة بتفريطه.
واستدل الظاهرية ومن وافقهم بعموم قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: ٣٨] .
فإن الله- تعالى- قد رتب وجوب القطع على السرقة، فكانت هي العلة، فمتى تحققت السرقة وجب القطع مطلقا أخذ المسروق من حرزه أو لا.
وأجيب عنه: أن عموم الآية مخصوص بالسنة التي دلت على اعتبار الأخذ من الحرز شرطا في وجوب القطع.
هذا والحق ما ذهب إليه الجمهور من القول بأن الأخذ من الحرز شرط في وجوب القطع لقوة دليله، وضعف دليل مخالفه، حتى قال ابن المنذر: إن اعتبار أخذ المسروق من حرزه شرطا لوجوب القطع يكاد يكون أمرا مجمعا عليه.
وأحقيته من جهة النظر ظاهرة، فإن الأموال غير المحرزة شبيهة بالأموال الضائعة، فالاعتداء عليها ناقص، فلا يتناسب مع القطع.
أما الأموال المحرزة، فالاعتداء عليها كامل بمسارقة عين المالك وهتك الحرز، وإخراجها منه.
فالتناسب ظاهر بينهما.
ينظر: «حد السرقة» لشيخنا إبراهيم الشبهاوي.
(١) يرى جمهور الفقهاء أن السارق لا يقطع إلا إذا سرق نصابا.
ويرى أهل الظاهر، والخوارج، وطائفة من المتكلمين أنه يقطع في القليل والكثير، وليس هناك نصاب محدود لوجوب القطع في السرقة.
وعلم أن جمهور الفقهاء قد اتفقوا على اعتبار النصاب شرطا لوجوب القطع. ومع اتفاقهم على هذا قد اختلفوا اختلافا كثيرا في مقداره الذي لا يقطع السارق من أقل منه، ويقطع فيه وفيما زاد عليه.
فيرى الشافعي وأصحابه أنه ربع دينار، أو ما قيمة ربع دينار سواء أكان قيمة ثلاثة دراهم، أم أكثر، أم أقل منها. فلا قطع عندهم في أقل من ربع دينار- ولو كان قيمة ثلاثة دراهم. كما لا قطع في ثلاثة دراهم، إلا إذا كانت قيمتها ربع دينار.
ويرى مالك، وأصحابه في المشهور عنهم أنه ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما قيمته ثلاثة دراهم.
فيقطع السارق عندهم في ربع دينار، وإن لم تكن قيمته ثلاثة دراهم، ويقطع في ثلاثة دراهم وإن لم تكن قيمة ربع دينار. ويقطع في غير النقدين من العروض بما قيمته ثلاثة دراهم، وإن لم تكن قيمة ربع دينار.
ويرى أحمد، وأصحابه في المشهور عنهم أنه ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما قيمة تساوي أحدهما.
فيقطع السارق في ربع دينار، وإن لم يساو ثلاثة دراهم، ويقطع في ثلاثة دراهم، وإن لم تساو ربع دينار، ويقطع في سرقة غير النقدين بما قيمته ربع دينار، أو ثلاثة دراهم.
ويرى أبو حنيفة، وأصحابه في المشهور عنهم أنه عشرة دراهم أو ما قيمته عشرة دراهم.
فلا قطع عندهم في أقل من عشرة دراهم، ولو كانت قيمة ربع دينار كما لا قطع في غير الفضية من الذهب، أو العروض بما قيمته أقل من عشرة دراهم، ولو كانت قيمته تساوي ربع دينار. استدل الشافعي، وأصحابه أولا: بما رواه أحمد، ومسلم، والنّسائي، وابن ماجة عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقطع يد السّارق إلّا في ربع دينار فصاعدا» . -

<<  <  ج: ص:  >  >>