إلا إذا قلنا: إن "يأزل بين" المذكور بعد "نشأكرب يهأمن يهرجب"، وهو ابن "الشرح يحضب"، لم يكن "يأزل بين" شقيق "الشرح يحضب"، بل شخصًا آخر، كأن يكون ابنًا لـ"وتر يهأمن" شقيق "نشأكرب"، أو ابنًا لـ"نشأكرب نفسه"؛ وعندئذ يكون في إمكاننا الادعاء بوفاة "يأزل" شقيق "الشرح" في حياة أخيه.
وهناك احتمال آخر قد يكون مقبولًا للعقل أكثر من الاحتمال الأول، هو احتمال بقاء "يأزل" حيًّا وإدراكه أيام حكم أولاد شقيقه. وعندئذ يمكن تفسير اختفاء اسمه في الكتابات في الأيام المتأخرة من حكم "الشرح" بوقوع خصومة بين الأخوين اشتدت حتى أدت إلى وقوع قطيعة بينهما وإلى حذف اسم "يأزل"، وهو أصغر سنًّا من أخيه من الكتابات, أي إلى خلعه وتجريده من اللقب الرسمي وهو لقب الحكم. وقد بقي مخاصمًا لشقيقه حتى أدركت شقيقه منيته، ثم مخاصمًا لابن أخيه "وتر يهأمن" إلى ولاية شقيقه "نشأكرب يهأمن يهرحب" الحكم. فلما ولي "نشأكرب" عرش "سبأ وذي ريدان"، أشرك عمه معه في الحكم؛ ولهذا أدرج اسمه من جديد في الكتابات، أدرج بعد اسم "نشأكرب" الملك الفعلي وارث العرش.
أما كيف أشرك "يأزل" مع ابن أخيه في الحكم، وكيف عاد مرة ثانية إلى الحياة الرسمية العامة؟ فليس في استطاعتنا الجواب عن ذلك جوابًا أكيدًا. ولا يستبعد احتمال قيام أناس بالتوسط بين العم وبين ابن أخيه لإصلاح ذات بَيْنِهما، وقد يكون "نشأكرب" هو الذي صالح عمه وأرضاه؛ لدافع شخصي, أو لمصلحة رآها، أو لاضطراره إلى ترضيته؛ لضعف مكانته أو شخصيته، فأراد الاستعانة به لتقوية مركزه. على كلٍّ, فإذا كان "يأزل بين" هذا، هو "يأزل بين" شقيق "الشرح" فيجب أن يكون قد تقدم في السن حين عاد إلى الحكم.
ولدينا نص من نصوص الـ"وتف" أمر به "الشرح" ولم يذكر اسم أخيه فيه، وقد وجه به إلى قبيلة "يرسم" في شهر "ذو نسور الأول" وفي السنة السادسة من سني "معد يكرب بن تبع كرب""معد كرب بن تبع كرب" من آل "حزفرم""حزفر"، وقد ذكرت فيه أسماء عدد من سادات هذه القبيلة. وفي النص حديث عن أحوال المزارعين والفلاحين والآبقين