للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الحادي والخمسون بعد المئة: العصبية والشعر]

[مدخل]

...

الفَصْلُ الْحَادِي والخمسونَ بَعْدَ المائةِ: العَصَبِيَّةُ والشِّعْرُ

رأيت أن أهل الكوفة كانوا يفضلون بعض الشعراء الجاهليين على غيرهم وأن أهل البصرة كانوا يرجحون غيرهم عليهم، فلا يرون التقدمة لمن اختارهم أهل الكوفة، ورأيت أن أهل الحجاز يقدمون شعراء آخرين على الشعراء الذين قدمهم أهل الكوفة أو أهل البصرة.

وموضوع من هو أشعر شعراء أهل الجاهلية، موضوع تضاربت فيه الآراء كثيرًا، وكثرت فيه الأقوال، لما له من تماس بروح العصبية، والعصبية إذا دخلت قضية أفسدتها. ثم إنه قائم على أحكام الأذواق، وأذواق الناس في الشعر وفي الذوق والتذوق متفاوتة متباينة، ثم هو لا يستند إلى أسس مقررة تعود إلى أيام الجاهلية، كنقد علمي ودراسة عامة شاملة قام بها الجاهليون في أيامهم، وإنما مرجعه أقوال قيل إنها صدرت من خبراء الشعر وعلمائه، لا أدري مقدار ما فيها من صدق أو كذب. وكل ما أستطيع أن أقوله: إنها آراء دونت في الإسلام، وهي مرسلة، محمولة على المبالغة في الاستحسان لقصيدة أو لقطعة أو لبيت، بل ولنصف بيت أحيانًا، وهي تمثل تذواقًا شخصيًّا، لحالة من الحالات، لا لغالب شعر الشاعر وعامة ما روي عنه، ولما فيه من فن وإبداع، ثم إنك تجدها أحيانًا متناقضة متضاربة، تجد رواية تقول إن الشاعر الفلاني، أو عالم الشعر فلان قال: أشعر الناس فلانًا ثم تجد رواية ثانية تذكر أنه قدم شاعرًا آخر محله فجعله أشعر الشعراء، ثم لا تلبث أن تجد رواية ثالثة، تذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>