للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل العشرون بعد المئة: أمية الجاهليين]

...

الفصل العشرون بعد المائة: أمية الجاهليين

الشائع بين كثير من الناس أن العرب قبل الإسلام كانوا في جهالة عمياء وضلالة, لا يقرءون, ولا يكتبون, وأن الكتابة كانت قليلة بينهم, واستدلوا على رأيهم هذا بإطلاقهم لفظة "الجاهلي" على أيامهم, وبما جاء من أنهم كانوا قومًا "أميين لا يكتبون". واستدلوا على ذلك بحديث ذكر أن الرسول قاله, هو "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"١.

وقد تحدثت في الجزء الأول من هذا الكتاب عن معنى "الجاهلية", وعن الآراء التي قيلت فيها, حديثًا فيه إفاضة وإحاطة, وقد قلت فيما قلته: إن تفسير الجاهلية بالجهل, الذي هو ضد العلم, تفسير مغلوط, وأن المراد من الجاهلية السفه والحمق والغلظة والغرور, وقد كانت تلك أبرز صفات المجتمع الجاهلي آنئذ, وتحدثت في كتابي: "تأريخ العرب قبل الإسلام" عن معنى الأمية وذلك في أثناء كلامي على أميّة الرسول وآراء العلماء فيها من مسلمين ومستشرقين٢، وقلت: إن للأمية معنى آخر غير المعنى المتداول المعروف, وهو الجهل بالكتابة والقراءة. فقد ذكر "الفراء" وهو من علماء العربية المعروفين, أن الأميين هم


١ البيان والتبيين "٣/ ٢٨", الصاحبي "٨/ ١١", تفسير القرطبي "٢/ ٥", البقرة الآية ٨٧, اللسان "١٢/ ٣٤", "أمم", تاج العروس "٨/ ١٩١", "أمم".
٢ الصفحة ١٣٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>