للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيت المال]

والملك هو صاحب أرض الدولة والقيّم عليها. وله حق منح الأرض لمن يشاء وانتزاعها عمن يشاء، أو تأجيرها لمن يرى. والأرض عند العرب الجنوبيين هي ملك الآلهة، وليس على وجه الأرض ملك لإنسان. غير أن هذا لا يعني أن الأرض ومن عليها ملك لرجال الدين باعتبار أنهم ألسنة الآلهة الناطقة على هذه الأرض والممثلون لهم في هذا العالم، فهم وحدهم إذن لهم حق إدارة الأرض واستغلالها، وذلك لأن الملوك سلبوهم هذا الحق واستبدوا به ومارسوه ونصبوا أنفسهم خلفاء على الأرض، وصاروا أوصياء الآلهة على أموالها. وهكذا فسرت قاعدة "المال مال الآلهة" تفسيرًا يجعل حق الأشراف على "مال الآلهة" في هذه الأرض للملوك ولأصحاب السلطان الفعلي الحاكمين حكمًا بقانون القوة، أما رجال الدين الذين يجب أن يكونوا هم خلفاء الآلهة على الأرض والمنفذين لأوامرها، فقد خضعوا لحكم الواقع، ورضوا بما حصلوا عليه من حقوق وامتيازات، وصاروا إلى جانب الملوك في الغالب، لتشابه المصلحتين، وحصل التراضي على إعطائهم حقوقًا وامتيازات واسعة، واستقلالًا في إدارة أموال المعابد، بحيث لا يكون للحكومة أي سلطان عليها، وهي مستثناة من دفع الضرائب التي يجب على سائر الناس دفعها إلى الحكومة، فصار المعبد من ثم سلطة ذات ثراء وسلطان تلي سلطة الحكومة ولها ضرائب يدفعها المؤمنون المتقون١


١ Grohmann, Arabien, S. ١٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>