للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النذور والصدقات]

وما تحدثت عنه هو الضرائب المفروضة التي يجب على من تشمله دفعها. أما النذور والصدقات، فهي هبة يقدمها المتمكن طوعًا للتقرب إلى آلهته أو شعورًا بمسئولية أدبية يقتضيه واجب المروءة تجاه الضعفاء. والصدقة: ما تصدقت به على الفقراء وقد أشير إليها في القرآن الكريم. وقد تؤدي معنى "الزكاة" ووردت في معنى "المهر" أيضًا أي: الصداق الذي يقدم إلى المرأة١. ويظهر أن الجاهليين كانوا يستعملونها في معنى التصدق على المحتاج والسائل.

وأما الزكاة، فهي ما يخرج من المال لتطهيره، فهي تزكية اختيارية للمال وطهارة له. وقد جعلها الإسلام فريضة على المسلم المتمكن بحسب الأنصبة المقررة في الشرع. وهي "زكوتو" Zakutu عند البابليين. وقد نص عليها في العهد القديم٢. وهي أن يقدم أصحاب الزرع من أول ثمرهم إلى الكاهن ليقدمه إلى الرب، وأن يسمح للفقراء بالتقاط ما يجدونه على الأرض مهملًَا من بقايا الزرع، وأن يعطي الكهنة واليتامى والفقراء والغرباء والأرامل والمحتاجين عشر محاصيل الأرض. وقد كثرت الإشارة إليها في العهد الجديد٣.

وإذا اعتددنا العشر الذي كان يقدمه العرب الجنوبيون إلى المعبد من حاصل عملهم، لصرفه على المعبد وفي الأعمال الخيرية زكاة، ففي استطاعتنا أن نقول إنها كانت مفروضة على المتمكن فرضًا، أي: على نحو ما نجده في الإسلام. غير أن من الجاهليين من كان يقدم زكاة المال من ماشية وإبل وزرع طوعًا واختيارًا تقربًا إلى الآلهة، يقدمها إلى المعابد تخصيصًا باسم الأصنام. ومن هذا القبيل السائبة والحامي الوصيلة ونحو ذلك، مما خصصه الجاهليون لآلهتهم تطوعًا، وذلك تزكية لأموالهم وأملًا في نماء أموالهم الجديدة وحدوث البركة فيها.


١ اللسان "صدق"، "١٠/ ١٩٦ وما بعدها".
٢ Reallexikon der Assyriologie, I, Band, I, Lieferung, S. ٧
٣ قاموس الكتاب المقدس "٢/ ٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>