للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نعي الميت]

ويكون الإعلان عن موت شخص بالبكاء وبالنعي، ويتوقف نعي الميت والبكاء عليه على قدر منزلة الميت ودرجة أهله ومكانتهم الاجتماعية. ويعد نعي الميت وشق الجيوب عليه من وسائل التقدير والإكرام وتبجيل الميت، ولذلك كانوا يوصون قبل موتهم بنعيهم للناس نعيًا يليق بهم، ويقوم بذلك ناع أو جملة نعاة.

يركب الناعي فرسًا ويسير ينعي الميت بذكر اسمه وتمجيده ليسمع بذلك القوم، قائلًا: "نعاء فلان ... " وترد كلمة "الناعي" و"النعاة" كثيرًا في الشعر وفي النثر١. وقد كان الجاهليون يستغلون نعي القتلى للتحريض على القتال والأخذ بالثأر، ويقال لذلك: "التناعي"٢.

وقد نُهي في الإسلام عن "نعي الجاهلية"، وذلك لما كانوا يبالغون من النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره ورثاءه رثاء يتجاوز الحد٣.

والولولة والنياحة على الميت من التقاليد التي تشدد فيها أهل الجاهلية، وكانت عندهم سمة من سمات التقديس. ولهذا كان أهل الجاه والغنى والأشراف يستأجرون النائحات للنياحة على الميت في بيته وخلف نعشه إلى القبر وفي مأتمه، ويبالغون في ذلك تبعًا لمنزلة المتوفي. وتلك عادة متبعة عند غيرهم أيضًا، فقد كان العبرانيون


١
أقول لما أتاني الناعيان به ... لا يبعد الرمح ذو النصلين والرجل
بلوغ الأرب "٣/ ١٣"، تاج العروس "١٠/ ٣٧٣"، "نعي".
٢ تاج العروس "١٠/ ٣٧٣"، "نعي".
٣ القسطلاني، إرشاد "٢/ ٣٧٨"، "باب الرجل ينعي إلى أهل الميت نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>