للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجرائم]

وقد وضعت كل المجتمعات على اختلاف درجاتها، بدائية كانت أو متقدمة عقوبات لردع المجرمين وزجرهم وتأديبهم لكيلا يجرموا بحق أنفسهم وبحق مجتمعهم وهي تتلاءم بالطبع مع واقع المجتمع والظروف الملمة به. كما أن الجرائم تكون منبثقة من واقع المحيط الذي يعيش المجرم فيه.

ويمكن حصر هذه الجرائم في الجرائم التي ترتكب ضد الدين، أي: دين القوم وعقيدتهم، وفي الجرائم التي ترتكب ضد المجتمع، أي: ضد العرف والعادات، في مثل: الزواج والطلاق والأحوال الشخصية وفي القضايا التي تخص الآداب وفي الجرائم التي تخص الاعتداء على الجسد كالقتل والجروح والضرب. وفي الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حقوق الغير مثل: الخيانة والغدر وعدم الوفاء بالأمانات والسلب والنهب والسرقات، ونشل الناس، وفي الجرائم المتعلقة بالملك.

وتعاقب شريعة الجاهليين كما تعاقب أية شريعة مدنية ودينية المخالف بعقوبات رادعة تكون متناسبة مع جرمه وعمله، وتكون العقوبات بالطبع متناسبة مع مستوى المجتمع وتفكير رجاله. والظاهر أن المعاقبين كانوا أحيانًا يقسون على المخالفين في فرض عقوباتهم، فيظلمونهم، ويعذبونهم عذابًا لا يتناسب مع ما قاموا به من جرم، بدليل ورود آيات في القرآن الكريم تحث من بيدهم الأمر على ألا يعاقبوا عقابًا يتجاوز حدود المخالفة: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ١، {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} ٢. وقد ذكر علماء التفسير أن الآية الأولى تأمر


١ النحل، رقم ١٦، الآية ١٢٦.
٢ الحج، رقم ٢٢، الآية ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>