ومن عادة العرب في الجاهلية، أن أحدًا منهم إذا جنى جناية، أو نهب شيئًا, أو أكل مالًا، أو غش أحدًا في تجارة، أو أكلها بالباطل، وأراد المجني عليه العفو عما وقع، فالتعويل في الصفح فيها على الدفن. وطريقتهم فيه أن تجتمع أكابر قبيلة الذي يَدْفن الذنب بحضور رجال يثق بهم المدفون له، ويقوم منهم رجل، فيقول للمجني عليه: نريد منك الدفن لفلان، وهو مقر بما أهاجك عليه، ويعدد ذنوبه التي أُخذ بها ولا يبقي منها بقية، ويقر الذي يدفن ذلك القائل على أن هذا جملة ما نقمه على المدفون له، ثم يحفر بيده حفيرة في الأرض، ويقول: قد ألقيت في هذه الحفيرة ذنوب فلان التي نقمتها عليه، ودفنتها له دفني لهذه الحفيرة، ثم يرد تراب الحفيرة إليها حتى يدفنها بيده. ولا يطمئن خاطر المذنب منهم إلا به، إلا أنه لم تجر للعرب فيه عادة بكتابة، بل يُكتفَى بذلك الفعل بمحضر كبار الفريقين، ثم لو كانت دماء أو قتلى عفيت وعفيت بها آثار الطلائب١.