ذكرت فيما سلف أن ملوك العرب الجنوبين، ضربوا النقود، وأن في المتاحف وفي الخزائن الخاصة ببعض الناس نقودًا تعود إلى أولئك الملوك. أما بالنسبة إلى الأماكن الأخرى مثل مكة أو يثرب؛ فإننا لا نستطيع أن نتحدث بأي شيء عن ضرب النقود عندهم، لعدم عثور العلماء على نقد ضرب في هذه الأماكن، ولعدم ورود إشارة إلى وجود ذلك في موارد أهل الأخبار. والذي يستخلص من هذه الموارد أن أهل تلك المواضع، كانوا يتعاملون بعملة الروم والفرس. وهي الدنانير والدراهم. كما سأتحدث عن ذلك في الموضع المناسب عندما سأتحدث عن الأحوال الاقتصادية. ولم أجد في روايات أهل الأخبار ما يشير إلى تعامل أهل مكة أو يثرب بنقود حبشية أو بنقود ضربت في العربية الجنوبية، ولم أجد فيها ولا في كتب السير والتواريخ أن المسلمين ضربوا النقد في أيام الرسول.
ولم أسمع بضرب ملوك الحيرة أو الغساسنة للنقود، ولم يعثر الباحثون -كما أعلم- على نقد ضرب في عهود هؤلاء الملوك. والظاهر أنهم كانوا يتعاملون بالعملات الفارسية والرومية. وربما كان الفرس والروم قد منعوا أولئك الملوك من ضرب النقود، لبواعث سياسية واقتصادية. ولكني لا أريد أن أجزم بأن "آل لخم" و"آل غسان" لم يضربوا النقد بتاتًا، استنادًا إلى عدم وصول