وأقصد بها الحقوق التي تتعلق بالشخص وبعلاقته بأسرته. مثل: الزواج والطلاق والوفاة والميراث وحقوق الزوجة أو الزوج وحقوق الوالد على ولده وحقوق الولد، وأمثال ذلك مما يدخل في الفقه الإسلام في "باب المناكحات"، وهو باب من أبواب قسم "المعاملات".
وبفضل إقرار الإسلام بعض أحكام الجاهليين في الزواج وفي الطلاق وفي الوفاة وفي الميراث وتحريم أحكام أخرى مع الإشارة إليها، جمع أهل التفسير والحديث والأخبار طائفة من أحكام الجاهليين القريبين للإسلام والمعاصرين له، خاصة أحكام أهل المدينتين: مكة ويثرب، ومن سكن في جوارهما من أهل المدر والوبر.
وعلى كل ما ذكرنا اعتمادنا. غير أن تلك المادة لا تزال خامًا بكرًا، وبها حاجة شديدة إلى الغربلة والنقد والتنسيق.
وما سنذكره في هذه الصفحات، لا يعني شمول هذا الوصف عموم الجاهليين في كل الأوقات وفي كل أنحاء الجزيرة، إنما هو قول خاص بالجاهليين القريبين من الإسلام والمعاصرين له والساكنين في الحجاز، ولا سيما في المدينتين المذكورتين. أما قدماء الجاهليين ممن عاشوا قبل الميلاد والجاهليين الذين عاشوا في جنوب جزيرة العرب أو في شرقيها، فلا نستطيع أن نقول: إن ما نذكره هنا منتزع من صميم حياتهم، فهو يمثل ما كان عندهم كل التمثيل؛ لأن المواد التي أشرت إليها لا تصل إلى حدودهم، وليس لها قدرة الوصول إليهم، فليس من حقنا إذن تعميم ما سنقوله على جميع الجاهليين.