واجبات الدولة كثيرة: فإن عليها أن تحفظ الأمن في الداخل، وتحمي الحدود من مهاجمة الأعداء لها، وتصد كل غزو يقع عليها، وعليها أن تحقق العدالة، وتقتص من الجناة وتعاقب المجرمين، وعليها أن تقيم الأبنية العامة وتفتح الطرق، على غير ذلك من الواجبات التي نعرفها عن الغاية من نشوء الحكومات.
ونحن لا نستطيع أن نتحدث في الزمن الحاضر عن جهاز حفظ الأمن الداخلي، أي: جهاز "الشرطة" الذي تناط به مهمة القبض على المجرمين، وتعقب اللصوص والقتلة، وما إلى ذلك من شئون لعدم ورود شيء عن هذا الموضوع في الكتابات.
ولكننا لا نستطيع نفي وجود علم للجاهليين الحضر بالشرطة. فلا بد وأن يكون لهم علم بأجهزة الأمن المخصصة بالقبض على المجرمين وتعقب آثارهم، أي: الشرطة. وقد كان لهم اتصال بالعراق وببلاد الشام. ويظهر من كتب اللغة أن لفظة "الشرطي" و"شرطة" كانت معروفة بين الناس عند ظهور الإسلام. "وفي حديث ابن مسعود: وتشرط شرطة للموت لا يرجعون إلا