للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القبيلة]

والقبيلة هي عماد الحياة في البادية، بها يحتمي الأعرابي في الدفاع عن نفسه وعن ماله، حيث لا "شُرَط" في البوادي تؤدب المعتدين، ولا سجون يُسجن فيها الخارجون على نظام المجتمع، وكل ما هناك "عصبية" تأخذ بالحق و"أعراف" يجب أن تطاع.

والرابط الذي يربط شمل القبيلة ويجمع شتاتها هو "النسب", ويفسر ذلك بارتباط أبناء القبيلة كلها بنسب واحد وبدم واحد وبصلب جد أعلى, من صلبه انحدر أفراد القبيلة في اعتقادهم؛ ولهذا نجد أهل الأنساب يرجعون نسب كل قبيلة إلى حد أعلى، ثم يرجعون أنساب الجدود، أي: أجداد القبائل إلى أجداد أقدم، وهكذا حتى يصلوا إلى الجدين العرب: قحطان وعدنان.

وقد حفظت الكتابات العربية الجنوبية أسماء عدد كبير من القبائل، لم يعرف أسماء أكثرها أهل الأخبار. وهي تفيدنا من هذه الناحية فائدة كبيرة في الوقوف على هذه القبائل، وبعضها كان قد هلك وانحلَّ واختلط في القبائل الأخرى قبل الميلاد وبعضها بعد الميلاد وقبل الإسلام بأمد.

وتتألف القبيلة من بيوت، يختلف عددها باختلاف حجم القبيلة، وباختلاف المواسم. ففي مواسم الربيع، تضطر أحياء القبيلة إلى الانتشار والابتعاد؛ لتتمكن إبلها من الرعي ومن إملاء بطونها بالعشب, فتتجمع على شكل مستوطنات يتراوح عدد بيوت كل مستوطنة منها ما بين الخمسين والمائة والخمسين بيتًا. أما في المواسم الأخرى، حيث تنحبس الأمطار وتجف الأرض، فتعود أحياء القبيلة إلى تكتلها وتجمعها، فتكون كل مجموعة حوالي "٥٠٠" بيت أو أكثر, تتجمع حذر وقوع غزو عليها، وللتعاون فيما بينها عند الشدة والعسر١.

والقبيلة في عرف علماء اللغة: جماعة من أب واحد، والقبائل في نظرهم من قبائل الرأس لاجتماعها، أو من قبائل الشجرة وهي أغصانها٢، فهي إذن جماعة من الناس تضم طوائف أصغر منها، وهي تنتمي كلها إلى أصل واحد، وجذر


١ W. Caskel, Die Bedeutung der Beduinen, S., ٨.
٢ تاج العروس "٨/ ٧٢"، "قبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>