للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوَاةُ الشِّعْرِ:

وقد ذكر علماء الشعر أن الشعراء في الجاهلية كانوا يتخذون لهم رواة يحفظونهم شعرهم حفظًا ويروونه رواية. ومعنى هذا أن أولئك الرواة كانوا يلازمون الشعراء، فإذا نظم الشاعر شعرًا تلاه على راويته ليحفظه فلا ينساه، وإذا غيّر الشاعر في شعره أو عدل فيه أشار على راويته بما غير وعدل حتى يعدل هو ويغير في الذي حفظه. فراوية الشاعر، هو نسخة ثانية حافظة لشعر الشاعر، أما النسخة الأولى، فهو الشاعر نفسه. وقد يتهيأ للشاعر جملة رواة، ويقال لمن يحفظ الكثير من الشعر، وللكثير الرواية هو "راوية للشعر"١.

وأولئك الرواة، هم دواوين شعر ناطقة، تحفظ المتون، أي أصول الشعر، كما تحفظ المناسبات، أي الظروف التي قيل فيها الشعر. وهم أنفسهم ذوو حس مرهف، وفهم عالٍ للشعر. إذ لا يقبل على رواية الشعر وحفظه إلا أصحاب الحس المرهف الموهوبون، الذين لهم طبع شاعري، وميل غريزي فيهم إليه. ولهذا تنتهي الرواية بالراوية في الأغلب إلى قول الشعر ونظمه، فيكون في


١ تاج العروس "١٠/ ١٥٨"، "روى".

<<  <  ج: ص:  >  >>