للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعينها عليه، وتدعي إن لكل فحل منهم شيطانا يقول الشعر على لسانه، فمن كان شيطانه أمرد كان شعره أجود. وبلغ من تحقيقهم وتصديقهم بهذا الشأن أن ذكروا لهم أسماء شياطينهم، فقالوا: إن اسم شيطان الأعشى مسحل، وللأعشى أشعار فيه، يمدحه ويثني عليه، لأنه يعاونه ويساعده في نظم الشعر فيلقيه عليه إلقاء. وقد زعم "حسان بن ثابت" أن شيطانه الذي يلهمه الشعر هو من "بني شيصبان" من فصائل الجن. وقد انتقلت هذه العقيدة في إلهام الشعر للشعراء إلى المسلمين كذلك. وقد دعا "جرير" شيطانه الذي يلقي عليه الشعر "إبليس الأباليس"١.

ويكنى عن الشيطان بالشيخ النجدي٢. وقد أشير إليه مرارا في كتب السير والأخبار. أشير إليه في بنيان الكعبة، حين حكموا رسول الله في أمر الركن من يرفعه، فحضر في زي شيخ نجدي بين الحاضرين، وصاح: يا معشر قريش أرضيتم أن يليه هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أسنانكم، وحضر اجتماع "دار الندوة". وأيد قرارهم في قتله. وذكر علماء الأخبار، أنه عرف بالشيخ النجدي، لأنه تمثل نجديا، وتذكر أن الفتن تخرج من المشرق، والمشرق نجد بالنسبة لأهل الحجاز٣.

و"قرن الشيطان"، ناحية رأسه، ومنه الحديث: تطلع الشمس بين قرني الشيطان، فإذا طلعت قارنها، وإذا ارتفعت فارقها٤. وفي الأساطير أن للشيطان قرنين.

وكان الكهان يستعينون بالشياطين في الأخبار عن المغيبات، يذكرون أن الشياطين يسترقون السمع من السماء، فيخبرونهم عن أنباء الأرض. وكان للكاهن "صاف


١ الثعالبي، ثمار القلوب "٦٩ وما بعدها"، قال الأعشى:
دعوت خليلي مسحلا ودعوا له ... جهنام جدعا للهجين المذمم
وقال:
حباني أخي الجني نفسي فداؤه ... بأقبح جياش العشيات مرجم
الحيوان "٦/ ٢٢٥ وما بعدها".
٢ تاج العروس "٢/ ٥١٢"، "نجد".
٣ الروض الأنف "١/ ٢٩١".
٤ تاج العروس "٩/ ٣٠٦"، "قرن".

<<  <  ج: ص:  >  >>