للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أصنام قوم نوح]

وزعم ابن الكلبي أن خمسة أصنام من أصنام العرب، من زمن نوح، وهي: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر١. وقد ذكرت في القرآن الكريم: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً، وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً، وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} ٢. ويظهر أن ورود اسمها على هذا النحو في القرآن، هو الذي حمله على رجع هذه الأصنام إلى أيام نوح.

وزعم "ابن الكلبي" أن الأصنام المذكورة كانت في الأصل قومًا صالحين، ماتوا، في شهر، وذلك في أيام "قابيل"، فجزع عليهم بنو قابيل، وذوو أقاربهم، وقام رجل من قومهم، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم، فصار الناس يعظمونها ويسعون حولها، ثم جاء من بعدهم من عبدها وعظم أمرها، ولم يزل أمرها يشتد، حتى أدرك "نوح" فدعاهم على الله وإلى نبذ هذه الأصنام، فكذبوه، فكان الطوفان، فأهبط ماء الطوفان هذه الأصنام من جبل "نوذ" إلى الأرض، وجعل الماء يشتد جريه وعبابه من أرض إلى أرض حتى قدفها إلى أرض جدة، ثم نضب الماء وبقيت على الشط، فسفت الريح عليها حتى وارتها. وبقيت مطمورة هناك أمدًا، حتى جاء "رئي" عمرو بن لحي" وكان يكنى أبا ثمامة، فقال له: عجل بالمسير والظعن من تهامة، بالسعد والسلامة قال عمرو: جير ولا إقامة فقال الرئي: ائت ضف جدة تجد فيها أصنامًا معدة، فأوردها ولا تهاب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجاب. فأتى شط جدة فاستثارها، ثم حملها حتى ورد تهامة. وحضر الحج، فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة. فأجابه سادات القبائل، ووزع تلك الأصنام عليهم، وأشاعوا عبادتها بين الناس٣، ومن ثم عبد العرب هذه الأصنام.

وذكر أيضًا أن الأصنام المذكورة هي أصنام نحتها الشيطان على صورة خمسة بنين من أبناء "أدم"، ماتوا فجزع الناس عليهم؛ لأنهم كانوا عبَّادًا صالحين.

فسول لهم الشيطان أن يصنع لهم تماثيل على هيئتهم وصورهم؛ لتذكرهم بهم فسروا برأيه، وصنعها لهم، فما لبث الناس أن عبدوها، حتى تركوا عبادة الله، وكان "ود" أكبرهم وأبرهم، فصار أول معبود عبد من دون الله٤.


١ الأصنام "٨" "روزا".
٢ سورة نوح، الآية ٢١ وما بعدها.
٣ الأصنام "٣٣ وما بعدها" "روزا".
٤ روح المعاني "٢٩/ ٧٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>