للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سد مأرب]

واستبد سد مأرب من بين سائر سدود جزيرة العرب بالاسم والذكر، ونال مكانة كبيرة في كتب التفسير والسير والأخبار. ولذكر القرآن لـ"سيل العرم"، نصيب كبير في توجيه أنظار علماء التفسير واللغة والأخبار إليه، وفي خلود اسمه إلى الآن. وقد روى أهل الأخبار قصصًا عنه وعن كيفية خرابه، وتشتت شمل سبأ بسببه، ونزوحهم إلى مواضع بعيدة عن ديارهم القديمة.

ويعد سد "مأرب" من أهم السدود التي أقيمت في اليمن وفي جزيرة العرب. وقد بني من أجل السيطرة على مياه الأمطار والسيول التي تتدفق منها لوقاية المزارع والقرى منها، وللاحتفاظ بهذه السيول للاستفادة منها إذا انقطعت الأمطار، وإرواء مناطق واسعة من الأرضين، جيدة التربة، خصبة مثمرة، لكن بها حاجة شديدة إلى الماء، وما كان في الإمكان إنباتها لولا السيطرة على السيول وإنشاء هذا السد.

وتأتي السيول إلى السد من أماكن عديدة، من "ذمار"، و"جهران"، و"الحدي"، و"حولان"، وبلاد مراد، وقيفة، وعروش، وجوانب ردمان، وشرعة، وكومان وغيرها، وذلك إذا أمطرت السماء وتجمعت فيها السيول وانحدرت. حتى تنتهي إلى وادي "أذنة"، فتسير فيه المياه حتى تنتهي إلى مضيق بين جبلين، يقال لكل منهما "بلق"، ويسميهما "الهمداني" مأزمي مأرب، تسير المياه فيه حتى تدخل منخفضًا من الأرض واسعًا، هو حوض هذا السد. تدخر مياه الأمطار فيه. وله سدود وأبواب لحجز المياه وحبسها، أو لتصريفها حسب الحاجة. فتمر من أبواب تفتح وتغلق، لتمر المياه منها في قنوات توزع إلى الأماكن التي يراد توجيه الماء إليها١.

ولا توجد لدينا نصوص عن أول رجل أقام هذا السد، وعن العهد الذي تم فيه البناء. وكل ما لدينا اليوم عن وقت بنائه لأول مرة هو لذلك حدس وتخمين.


١ زيدان، العرب قبل الإسلام "١٧٠ وما بعدها"، العظم "٢/ ٨٨ وما بعدها"، البلدان "٤/ ٣٨٣"، حمزة "١٢٦"، الأغاني "١٦/ ٧٢"، الصفة "٨٠".
Muller, Burgen, Ii, S. ٨٣. F.

<<  <  ج: ص:  >  >>