يبدأ الشاعر بالشعر بعد إحساسه بوجود ميول له إلى الشعر، تدفعه دفعًا على الإقبال عليه، فيبدأ بحفظ الشعر المقال، وبنظمه، ويكون هذا النظم نظمًا تجريبيًّا غير متقن في بادئ أمره، ويقال لهذه المرحلة "الغرزمة". و"الغرزمة" أن يقول الشاعر الشعر قبل أن يستحكم طبعه وتقوى قريحته١. فإذا قوي به وتمكن منه صار من الشعراء المجيدين.
وقد كان الشاعر الجاهلي مثل الشاعر الإسلامي، يبدأ لكي يكون شاعرًا بحفظ شعر غيره، ولاسيما شعر المشهورين من الشعراء المتقدمين عليه، حتى يرويه رواية، وقد يتصل بشاعر يعجبه من شعراء قبيلته أو من غيرهم فيلازمه ويأخذ عنه شعره حتى يصير راوية له، ومتى شعر هذا الراوية الحافظ لشعر غيره، أن عوده قد استوى، وأن له قابلية في النظم، أظهر شعره للناس، وربما بعد